المشكلة :
أخي الدكتور فهد ترددت كثيراً في أن أتحدث عن مشكلتي ليس معك فقط ولكن لأناس كثيرين لأنني أعتقد أنها شخصية جداً وليس من حق أحد أن يطلع عليها ولكن أشعر في السنوات الأخيرة بأنني لم أعد أحتمل وأريد حلاً سريعاً ينقذني مما أنا فيه والمشكلة الأساسية هي أنه لا ينقصني مال فلدي الكثير جداً منه ولكني لا أشعر بأهميتي مطلقاً فحتى أهلي وبالذات والدتي وأخواتي لا يحبونني ولذا فأنا لا أزورهم إلا قليلاً لأنهم كثيرو المطالب فما أن أدخل إليهم حتى أشعر من نظراتهم لي بأنهم يحسدونني على ما لدي من ثروة ولا يحبذون زيارتي لهم .
لا أخفيك يا دكتور أني أتمنى أن يسأل عني أحد منهم حينما أغيب أو بعد أن أرجع من سفرياتي الكثيرة ولكن شيئاً من هذا لا يحدث وكأنني أنا السبب فيما هم فيه من حالة مادية متردية علماً بأن واحدة من أخواتي الثلاث تعمل معلمة وراتبها جيد جداً .
أني أشعر بالأهمال يا دكتور وبأنه ليست لي قيمة مع أقرب الناس لي فماذا أفعل أنني لا أريد أن أفرط بهذا المال الذي تعبت فيه فهو من حقي وحدي أرجوك ساعدني ولك مني كل الشكر.
المرسل سعد . ح . ف ـ الرياض
الرد : أن المشكلة يا أخي سعد حسب ما استشفها ليست مما تقوله تماماً . فهذه المعاملة من قبل أهلك وهذا التقدير المفقود من قبلهم لا أعتقد أنه أتى من فراغ واعذرني على ما أقوله وسأقولة أنت كنت صادقاً حينما حاولت أن تكشف عن حقيقة وضعك ولكنك لم تكشف إلا جزءا من الحقيقة، أما الجزء الآخر فمع الأسف لا تريد أن تراه أو تعترف به .
إن الانسان منا ليس له إلا اهله هم عزوته وكرامته. ومهما كان من أمر فلا بد أن تتقرب منهم بكل الوسائل ولا تحاول أن توجد تبريرات انت نفسك لا ترضاها مع أبنائك فيما بعد أن مشكلتك ليست في عدم أحساسك بأهميتك ولكن بشعورك بالذنب الداخلي الذي لم تبح به في رسالتك والذي أنت أدرى به. فرسالتك ينقصها الكثير من الحقائق وبها فجوات هامة هي مانريد معرفتها لأنها أساس التشخيص وهي العلاج الجيد ما انصحك به أولا هو التقرب من أهلك ووالدتك تحديداً مهما كانت الأسباب فالجنة كما تعرف يا أخي سعد تحت أقدام الأمهات ونحن من دونهم ومن دون دعواتهم لنا لا شيء وبغض النظر عن الأسباب أنظر إلى نفسك وإلى جوانب التقصير فيك، أنظر ماذا يحتاجونه ويتوقعونه منك ؟ أنظر إلى تلك الحواجز التي بينك وبينهم وحاول إزالتها . اعتذر لو تطلب ذلك فأنت لا تعتذر لغريب. أنس الماضي ولا تجعله سبباً للقطيعة . فأنت محتاج إليهم طال الزمان أو قصر ولكن دعني أقل لك يا سعد ان كل انسان مليونير في علاقاته الانسانية، على أن المأساة الكبرى هي أن الكثيرين منا يقومون بتخزين هذه الثروة أو يتصرفون فيها ببخل شديد، بل ان ما هو أسوأ من ذلك أنهم لا يدركون أنهم يملكونها أصلاً ! وأنت في مقدورك أن تقدم المزيد للإحساس بالقيمة الشخصية للطرف الآخر وبوسعك أن تجعله يحب نفسه أكثر قليلاً كما أن بإمكانك أن تجعله يحس بتقديره وتقبله وبالتالي يبادلك التقدير بتقدير والتقبل بتقبل .
باختصار يا أخي سعد ان سعادتك وشعورك بأهميتك مرتبط بإذن الله بمدى ما تقدمه لأقرب الناس لك ألصقهم بك من أمان وحب وحنان وأحترام . وأنا حقيقة لا أعرف مدى وجود مثل هذه الأمور بينكم وان كنت أفترض وجودها ولكن تأكد منها وحاول تنميتها بكل ما تستطيع ولكن بقناعة ودون ملل وحينها سوف تشعر بالسعادة لأن النتائج التي سوف تحصل عليها ستشعرك بالرضا وتجعل حياتك أكثر سعادة وراحة . وفقك الله وأراح قلبك .