يقول تعالى (وإذ بوأنا لابراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود) (26) وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق (27) ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير (28) ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق (29) ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فأجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) (الحج 26ـ30).
يامن تسكنون هذه البلاد الطاهرة ويامن تعيشون رغد العيش وسعة الرزق وتتفيؤون ظلال الأمن يامن لم تؤدوا فريضة العمر هل فكرتم في أداء هذه الفريضة واتبعتم التفكير والعملي.
ان من المحزن حقاب ان ترى وتسمع عمن لم يحج وهو من أهالي هذه البلاد او وافد لها ولم يحج رغم القدرة والاستطاعة وتيسر السبل. في الوقت الذي نرى فيه من يتكبد المتاعب والمصاعب ويقطع المسافات الطويلة رغم شظف العيش وقلة ذات اليد ليصل الى البيت العتيق.
في غابر الأزمان نسأل احد الحجاج من بجانبه قائلا: من أين الأخ؟ قال لقد أتيت من بلاد بعيدة فقال له السائل يغفر الله لك انت من جيران الحرم, فقال الحاج مستغربا واذا أنت من من أين؟ قال: أتيت من بلاد تبعد مسافتها عن بلدك بقدر ما بينكم وبين الحرم مرتين.
هؤلاء أتوا وكلهم شوق الى البيت العتيق أتوا وقد تفاوتت مكانتهم واختلفت ألسنتهم وألوانهم لكنهم كلهم يرجون رحمة الرحمن الرحيم.. وكلنا بحاجة الى رحمة الله الغني والشريف وبجانبهم من هو دونهم وهو محتاج الى الله. الكل يقف على صعيد عرفات بلباس واحد أمام الملك الديان قد ذابت بينهم كل الفوارق والكريم بعلى الله هو التقي (ان أكرمكم عند الله أتقاكم), ومع هذا الجمع العظيم فانه يوجد في المسلمين من كان يتمنى الوقوف مع هؤلاء على صعيد عرفات لكنه قد حيل بينه وبين عرفات لسبب او لآخر.
الله أكبر, أتى من بلاد تبعد مسافتها مرتين عن بلد ذلك الحاج يوم لم تكن هناك طائرات ولا سيارات ولا مواصلات حديثة. ويعتبر من أتى حاجا من الشام مثلا عبر المواصلات القديمة من جيران الحرام. كيف بنا اليوم وقد يسر الله لنا كل الوسائل والسبل؟ إخوة الإسلام:
ان العمر يمضي والمرض يعرض والحاجة تقوم والمال ينفد والموت يأتي بغتة والحال يتغير وانك لتجد كثيرا ممن يتعذر عن أداء الحج بأعذار كثيرة بينما تراه يقطع البلاد طولا وعرضا من أجل التمشية او السياحة او التجارة او الدراسة.
يقول تعالى: (ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين, فيه آيات بينات مقام ابراهيم ومن دخله كان آمنا, ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا ومن كفر فان الله غني عن العالمين) (آل عمران 90ـ97).وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة ألا إله إلا الله وان محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا). رواه البخاري ومسلم.
وبهذا نعلم ان الحج واجب على كل مسلم مستطيع لا يجوز التهاون في أداء الركن العظيم من أركان الإسلام. وعليه ان يلبي نداء الرحمن ويستجيب لأمره.