نعم صدق اولا تصدق !!
نحن نحرق 600 مليون ريال كل سنة .. ننفخها في الهواء ننفخها لتطير كما يطير الدخان .. نضيعها بلا مبالاة .. فقد أكدت دراسة علمية أن المملكة العربية السعودية تصنف ضمن الدول الأكثر استيرادا للسجائر , حيث وصل حجم المبيعات من هذا النوع من المكيفات الى 15 بليون سيجارة في العام الواحد ... نعم .. الرقم من جديد ولا تستغربوا وبين قوسين حتى لا يختلط الأمر على أحد ـ (15) بليون سيجارة في العام بقيمة تتجاوز (600) مليون ريال !
الدراسة التي أجراها برنامج مكافحة التدخين بالتعاون مع وزارة المعارف وشملت 752 طالبا من طلاب المرحلتين المتوسطة والثانوية , أشارت الى أن 30% من هؤلاء الطلاب مدخنون و أن 90% منهم بدأ التدخين في سن مبكرة , وأن 55% من طلاب السنة النهائية في المرحلة الثانوية لا يقدرون احتمال إصابتهم بالإدمان , وأوضحت البيانات أن المدخنين الذين شملتهم الدراسة تتراوح فئاتهم العمرية بين 12 و17 سنة!
والأغرب ان الدراسة أشارت الى أن السوق الخليجية تستهلك ـ مجتمعة ـ حوالي 28 بليون سيجارة تتسبب في وفاة مليونين ونصف المليون سنويا.
أي ان نسبة المدخنين في المملكة تتجاوز 50 % من عدد المدخنين في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية , وبالتالي فإن نسبة الوفيات (المفترضة) منهم بين ضحايا التدخين وموتى السيجارة ترتفع الى أكثر من 50% أي الى أكثر من مليون و250 ألفا.
وتسير القراءة السريعة لهذه الأرقام التي كشفت عنها هذه الدراسة العلمية الى ابعاد خطيرة للإدمان وتدخين السيجارة على وجه التحديد , ومن هذه الأبعاد الخطيرة هناك بعدان مهمان هما البعد الاقتصادي والبعد الصحي لظاهرة التدخين.
ولا شك ان كلا البعدين مرتبط ويؤثر كلاهما في الآخر , وعلينا أن ندقق في ما حولنا حتى نرى ما يسببه التدخين من أمراض صحية تدفع الكثير من ناحية إلى إنفاق جزء من أموالهم وميزانيات بيوتهم , من أجل العلاج , وتدفع الدولة من ناحية أخرى الى توجيه جانب جهودها وتخصيص جزء من ميزانياتها في قطاع الصحة الى علاج ما يسببه التدخين من أمراض المدخنين بشكل مباشر أو غير مباشر , وبغض النظر عما يسببه التدخين من أمراض تؤثر على الرئتين والجهاز التنفسي فإنه يؤثر أيضا على الجهاز المناعي للجسم ويفقده القدرة على مقاومة الكثير من الأمراض. وفي كلتا الحالتين فإن المجتمع يخسر الكثير من أمواله وطاقاته , كما يخسر جانبا من قواه العاملة وقدراتها الانتاجية مضروبة في المال وساعات العمل والجهود التي تستنزفها مكافحة السيجارة. وفي كل الأحوال فإن مجتمعنا يخسر(600) مليون ريال أي أكثر من نصف مليار ريال , يمكن توجيهها الى مشروعات إنتاجية ناجحة , تصنيف ناجحة , تصنيف الى الاقتصاد الوطني , وتضيف الى الناتج ( المحلي الإجمالي) , وتساعد على زيادة النمو الاقتصادي , وتدفع التنمية وتساهم في توفير المزيد من فرص العمل للشباب , وتقلل من احتمالات الإصابة بالأمراض الناجمة بشكل مباشر أو غير مباشر عن التدخين.
وفضلا عن كل ذلك , تساهم في توفير بيئة أكثر توافقا مع مقاييس الصحة , وأقل عرضة للإصابة بالأمراض , بدلا من المساهمة السلبية في تلويث البيئة , بما يتناقص ويؤثر سلبا على الجهود الحكومية في مجال حماية البيئة ومكافحة مظاهر التلوث وأسبابه , ولا شك أن العملية الإنتاجية في كل موقع ومجال , أصبحت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالعناصر والظروف البيئية مهما حاول البعض أن يتجاهل هذه الحقيقة إن الاقتصاد يخسر كثيرا أيها السادة بسبب التدخين و نرجوكم توقفوا أمام الرقم وافتحوا عيونكم جيدا لتتأملوا وتفكروا أين تذهب هذه الأموال التي ننفقها على تدخين السجائر!
إنها تذهب الى جيوب صانعي التبغ وشركات الدخان وأصحاب مصانع السجائر الذين يصدرون إلينا الأمراض! ألسنا أحق بهذه الأموال؟ هذا سؤال.
ألا نستطيع أن ( نستثمرها) في ما يفيد الاقتصاد والتنمية؟ هذا سؤال أيضا.
رشيد بن راشد الرشيد
الظهران