انعدام الشعور بالمسؤولية وتلاشي الوعي بهذا الشعور، يؤديان إلى ممارسات تتنافى مع أبسط واجبات المواطن تجاه مجتمعه ووطنه، وهذه الممارسات المرفوضة تتجسد في أكثر من صورة منها عدم المحافظة على الانجازات الوطنية، والتعامل مع هذه الانجازات بمنتهى السلبية، بل وممارسة تعطيل أدائها لخدمة الناس، وهذا ما نراه في المنشآت التي أقيمت للترفية عن المواطن أو توفير الخدمات العامة لهم، عندما يقدم بعض الأشقياء على العبث بها، أو تعطيلها، أو تشوية منظرها بالكتابات والرسوم القبيحة، وهذه المناظر تنتشر في أماكن الخدمات العامة، التي لم تنشأ إلا لخدمة المواطن، ورفاهيته واستمتاعه بإجازاته، لذلك فهو ملزم بالحفاظ عليها.
إن الكثير من الانجازات التنموية تتعرض لسوء الاستخدام، وربما الإساءة المتعمدة من قبل فئات ينعدم عند أفرادها الشعور بالمسئولية، كما ينعدم لديهم الوعي بأهمية هذا الشعور، ويترجم ذلك كله بهذه الممارسات غير الطبيعية، والمرفوضة من الجميع لأن نتائجها سيئة عندما تؤدي إلى حرمان غيرهم من الاستفادة من تلك الانجازات أو تشوية الصورة الجميلة لها وبشكل يصعب إصلاحه مستقبلا، وإن تم اصلاحه فإنه يكلف الكثير والكثير. إن إنجازات الوطن هي إنجازات للمواطن في الدرجة الأولى، مما يعني وجوب المحافظة عليها من قبل المواطن ذاته، وردع كل من يسىء إليها بشكل أو بآخر، وإذا انعدم الشعور بالمسئولية لدى قلة من الناس، فإن على الجميع تقع مسؤولية أولئك العابثين عن مشاهدة أحدهم وهو يمارس مثل هذه الأعمال المرفوضة. لأنها ترسخ عادة الاستهتار بكل الواجبات، وتحول الانسان من أداة بناء إلى وسيلة هدم، متجاهلا انتماءه الوطني، ومسؤوليته تجاه غيره، ما دام يعتبر نفسه عضواً عاملاً في المجتمع وليس عضواً مشلولا.إن تشوية بعض المنشآت العامة، أو وسائل الترفيه وألعاب الأطفال في الحدائق والمتنزهات. وسوء استخدامها من قبل أناس يستهويهم التخريب .. كل ذلك يعطي انطباعا سيئا ويوحي بمدلولات سلبية مستهجنة .. والجهات الرسمية التي تقيم تلك المنشآت، لن يكون بإمكانها توفير المراقبة الدائمة لها، تاركة هذه المهمة للمواطن، سواء بحسن الاستخدام، أو بردع كل من تسول له نفسه مجرد التفكير في تشوية مثل هذه الأنجازات، حتى لا تصبح هذه التصرفات ظاهرة عامة في كل مكان. وما من مستفيد من تلك التصرفات الصبيانية غير المسؤولة وهي تدل على سوء الخلق وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه هذه الانجازات التي يتمناها مواطنون في دول أخرى ولا يحصلون عليها.
إن هذه الانجازات من النعم التي أفاء الله بها على هذا الوطن ومواطنيه، ومن باب شكر النعم الحفاظ عليها، واستخدامها على الوجه الأفضل، وعدم البطر في التعامل معها، وبغير هذه الروح الإيجابية تتعطل الكثير من الانجازات عن أداء مهماتها لخدمة المواطنين، وتوفير أسباب الراحة والرفاهية لهم .