حين ننظر الى الخلف نجد ان هذا العام ليس هو الافضل. عمليات ارهاب, خوف في الباصات والمجمعات التجارية, بطالة تستشري, انخفاض في مستوى الحياة, اعمال تجارية تنهار, تدهور في البورصة, نمو سلبي للاقتصاد, الكشف عن الفساد في القيادة, تهديدات حرب في العراق ومن جانب حزب الله. هل هذه كانت السنة الاسوا في تاريخ الدولة؟
الكاتب أ. ب يهوشاع يقول بانه ثمة ما هو صحيح في هذا القول الذي بموجبه عام 2002 كان هو العام الاسوأ في تاريخنا. كانت لنا سنوات صعبة جدا من ناحية اقتصادية.
مثلا فترة التقشف في اعوام الخمسين, وكانت هناك سنوات بعدد اكبر من القتلي, وكانت هناك سنوات فيها مشاعر العداء اصعب بكثير. ولكن لم يكن لنا مثل هذا الاحساس بالتراجع في عام 1948 كانت هناك حرب قاسية, ولكن مثل الام الولادة. علمنا ان الالام ستزول والطفل سيولد.
علمنا ان الالام, المعاناة, هي جزء من القضية دائما علمنا اننا نتقدم الى الامام. في السنوات الاخيرة تقدمنا بسرعة وكان هناك امل. مستوى الحياة تحسن من عام لآخر. جلسنا واكلنا بسكينة في مطعم في رام الله. زهافا بن غنت في نابلس. وفجأة ـ كل شيء تراجع الى الوراء ثمة عداء.
بروتوكولات وحكماء صهيون تنشر في مصر. الاحساس بالتراجع هذا هو الاصعب. انا لازلت اؤمن بامكانية اصلاح الوضع بصورة جزئية. من الممكن وقف النزف, والخروج من غرفة العلاج المكثف والانتقال لمواصلة العلاج في القسم. هذا بيدنا فقط.
يقول المؤرخ د. مائير بعيل ـ من رجال بلماح وعضو كنيست سابق ان عام 2002 كان سيئا جدا من الممكن ان تكون هذه السنة الاسوأ في تاريخنا. المزاج العام الوطني هو اسوأ ما اتذكره في حياتي.
من ناحية موضوعية كان عام 1948 هو الاخطر على وجود الدولة. كانت حرب 1948 هي الاصعب. حيث سقط فيها 6000 شاب وقتل فيها الكثير من المواطنين, لقد كانت الدولة الفتية في خطر حقيقي. ولكن المزاج الوطني كان افضل بكثير. كذلك في حرب يوم الغفران شعرنا ان الدولة في خطر, ولكن لم تمض ثلاثة الى اربعة ايام حتى شعرنا بانه لا توجد هناك كارثة وطنية.
في العامين الاخيرين الوضع صعب جدا. حسب رايي فان الشخصين المسئولين عن هذا الوضع هما ايهود باراك, الذي اهدر فرصة لحل النزاع, وارييل شارون الذي يحتفي بالدم.
تكشف دولة اسرائيل بانه لايوجد لديها رد على مكافحة الارهاب وحرب العصابات ضدنا, صحيح ان الفلسطينيين لا يهددون باحتلالنا, ولكن الشعب في اسرائيل يعيش احساس الخوف ولايعرف كيف يخرج من هذا الحكومة ترد على الارهاب بالقوة ـ وهذا لايقود الى اي مكان ان استخدام القوة من جانبنا يسبب بالمزيد من الارهاب.
والمشكلة هي انه لايوجد حل سياسي في الافق. والاكثر من ذلك ولاول مرة نرى مظاهر شبه تمرد وسط المجندين للجيش. فجأة نكتشف عدة اشخاص لايريدون الخدمة في الوحدات الميدانية. ثمة الكثير من المتهربين من الخدمة يعيشون وسطنا. حتى في الكنيست يوجد 24 عضو كنيست يهودي غير صهاينة.
تقول شولميت الوني عضو الكنيست سابقا ومؤسسة حركة راتس بالتأكد نعم 2002 كانت السنة الاسوأ في تاريخ الدولة وليس فقط بسبب مشاكل امنية, اقتصادية وفساد. كانت هذه سنة تدهور اخلاقي, سنة تحولنا فيها الى دولة ابرتهايد, السنة التي بدأ فيها المستشار القانوني للحكومة ورفاقه بدفن النظام الديمقرطي الذي كان هنا, وثيقة الاستقلال, الوثيقة التي انشأت دولة اسرائيل, تضمن مساواة في الحقوق وحرية الدين والضمير والتعليم والثقافة لكل مواطنيها, في نهاية عام 2002 جرت محاولات لالغاء هذه الحقوق للمواطنين العرب.
فرضوا رقابة على فيلم عربي (جنين جنين), اغلقوا صحيفة عربية (صحيفة الحركة الاسلامية) وحاولوا منع حزب عربي (عزمي بشارة) من المنافسة في الانتخابات. لقد كانت هذه السنة الاسوا من ناحية اخلاقية. تحولنا الى بربر. حولنا 3.5 مليون شخص الى رهينة. نحن نحول كل مدينة وكل قرية الى معسكر اعتقال, ندمر الابنية من فترة المماليك من اجلان ننشيء متنزها للحرم الابراهيمي.
في بيت لحم استثمر عشية العام 2000 نحو مليار دولار من اجل تطوير البني السياحية في عام 2002 دمرنا كل شيء, دولة اسرائيل اعطت صلاحية لضابط بان يقرر تدمير حي كامل برأيه الشخصي. لم يكن مثل هذا الامر قبل.
كاتب اسرائيلي