لم يشهد العالم منذ امد بعيد موقفا موحدا ضد حرب معينة كما يشهده العالم اليوم فالحشود العسكرية الامريكية والبريطانية في الخليج تنبئ عن استعدادات ضخمة لتوجيه ضربة خاطفة لازاحة صدام حسين عن السلطة في بغداد يقدرها العسكريون بانها اكثر تنظيما وتقنية من حرب تحرير الكويت عام 1990 بستة عشر مرة وهو رقم مخيف ترسل واشنطن من خلاله رسالة قوية لجميع القوى العالمية بأن عليها الوقوف على الحياد وعدم التدخل في المنطقة.
فهل يمكن لتلك القوى وعلى رأسها فرنسا والمانيا وروسيا واليابان غض الطرف عن مصالحها في المنطقة والاستسلام لرغبة الولايات المتحدة في الهيمنة ليس على المنطقة فحسب بل على العالم حسب تصور الولايات المتحدة ورغبتها في اعادة رسم خريطة العالم؟ لا اعتقد فخسائر تلك الدول ستكون جسيمة وبقدر كبير للغاية وكذلك العرب اول الخاسرين وبخاصة الخليجيون فخسائرهم ستكون كبيرة ان لم تكن فادحة في حالة توجيه ضربة للعراق وتغيير النظام بما يتناسب ومتطلبات وشروط واشنطن في الرجل الذي سيخلف صدام حسين الذي جر على المنطقة بسياساته المتعجرفة ويلات كثيرة وعديدة لا يمكن حصرها بدءا من حرب ايران وانتهاء بازمة الاسلحة العراقية فخسائر الامة العربية ستكون فادحة على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية ولا عزاء للامة.
ان وضع المنطقة بعد توجيه الضربة للعراق سيكون مختلفا تماما وقد نشهد حروبا اخرى في المنطقة نتيجة لتفرد اسرائيل بالمنطقة اولا ولعدم وجود وسائل الردع العربي المناسبة ثانيا في ظل عدم وجود الضمانات الدولية الكافية لمنع حدوث ذلك, مما سيتيح لاسرائيل انتهاك الاجواء العربية غربا وشرقا وشمالا وجنوبا في ظل وجود حكومة توسعية في تل ابيب مما يهدد السلام والامن في المنطقة بشكل خاص والامن العربي بشكل عام, اما اقتصاديا فيتوقع ان تكون نتيجة الضربة مؤشرا لبداية انتهاء عصر النفط كواحد من المصادر الرئيسية للدخل في دول الخليج مما يعني دخول دول المنطقة في دهاليز صندوق النقد والبنك الدولي والتي لن يمكنها الخروج منها مطلقا دون تحمل مئات المليارات من الديون, وفي ظل كل تلك التداعيات فالاثار لن تقف عند هذا الحد بل سيكون على رأس قائمة الضحايا كما اسلفنا اليابان وفرنسا التي ستفقد اكبر حقل للنفط في العراق يحوي اكثر من مائة مليار برميل من احتياطيات النفط وكذلك روسيا التي ستغرق نتيجة لانخفاض سعر النفط في مشكلات اقتصادية كبيرة بالرغم مما تعاني منه حاليا وما ينطبق على روسيا سينطبق بلا شك على جميع الدول المصدرة للنفط فيما عدا النرويج.
فهل ستشهد المنطقة تدخلا عسكريا روسيا او فرنسيا لحماية مصالحهما في المنطقة ام أن الامور ستقف عند حد الاكتفاء بالضمانات الامريكية بعدم المساس بمصالحهما؟ وهل يكفي وضع صدام حسين على حافة الهاوية ليترك العراق ويعفي الامة من تداعيات وجوده في بغداد؟ وهل اختيار نظام جديد لحكم العراق سيعفينا من الاثار السلبية لهذا الوضع؟ وهل ستسعى اسرائيل الى دور اكبر في المنطقة؟ سيناريوهات عديدة واجوبة مختلفة ولن يمكننا الجزم بالنتائج التي ستنتهي اليها هذه الازمة التي نأمل ان يخرج منها العرب اكثر توحدا وايمانا بأهمية التضامن العربي والمصير المشترك.