لعل من الملاحظ ان بعض العرب عند احتدام المعارك الانتخابية الرئاسية في اسرائيل تنزرع فوق رؤوسهم كتلة من التفاؤل بإمكانية ان يعتلي سدة الرئاسة في تل ابيب شخص متوازن يتصف بالعقلانية والحكمة والمرونة فيضع حدا قاطعا للأزمة العربية الاسرائيلية التي تعد من اطول الأزمات السياسية في العصر الحديث، غير ان تلك الكتلة من التفاؤل سرعان ما تذوب بعد نتائج الانتخابات، فالاوضاع دائما لاتتغير سواء جاء رئيس جديد او انتخب الرئيس الحالي لفترة رئاسية قادمة، فكل الأحزاب الاسرائيلية شبيهة ببعضها وان تغيرت الأدوار والتكتيكات التي يدير بها هذا الحزب او ذاك سياسة المماطلة والتسويف والخداع وركوب الرأس والسباحة دائما ضد التيار، فلا فارق بين العمل والليكود، فقد ذاق العرب الأمرين منهما معا، وها هو شارون ينتخب لولاية جديدة، ولو فاز عمرام متسناع فانه سوف يستمر في ارتكاب افظع الجرائم ضد الفلسطينيين والعرب جميعا، ولن تختلف سياسته الدموية عن السياسة الشارونية، وازاء ذلك فلابد ان يفيق العرب من احلامهم التفاؤلية عند كل جولة انتخابية اسرائيلية، ويضعوا نصب اعينهم كيفية معالجة ازمتهم مع العدو الاسرائيلي بغض النظر عن الحزب المتربع على سدة الحكم في تل أبيب، وصدق هذه النظرية يتكشف حينما نعلم قبل الانتخابات الأخيرة التي فاز شارون بها وعود متسناع انه سوف يدخل في حالة فوزه في اية حرب ضد العراق، وهو امر يؤكد ان العمل والليكود وجهان لعملة واحدة، فتلك الوعود لاتقل في خطورتها عن مواصلة بناء المستوطنات وتدمير الاقتصاد الفلسطيني ودفع الفلسطينيين للهجرة من ديارهم طوعا او كرها، فالسياسة واحدة وان تغيرت الاحزاب، فلابد ان يدرك العرب هذه الحقيقة تماما، ويقفوا على ابعادها وافرازاتها.