يبدو ان التاريخ يعيد نفسه في حالة الأزمة العراقية العالقة, فعندما تزعمت الولايات المتحدة خلفاءها في الحرب الخليجية الثانية أخذت السلطة العراقية تتوعد بسحق المعتدين وإبادتهم عن بكرة أبيهم في زمن قصير, وها هي الولايات المتحدة المتحدة حاليا تصرح دون تلميح بأن الوقت قصير أمام بغداد ان لم تستجب للقرار الأممي المتعلق بنزع أسلحة الدمار الشامل بحوزتها, وها هي القيادة العراقية تتوعد في حالة نشوب الحرب بقتل مليون جندي أمريكي, ويبدو ان الفرصة الأخيرة متاحة أمام العراق عند زيارة بليكس والبرادعي بغداد بعد أيام قلائل. ولا بد من اقتناصها قبل ان يفوت الفوت, ولا بد في الوقت نفسه ان تتحرك شعوب الأمتين العربية والإسلامية وأصدقاء العراق من الشرق والغرب لفعل ما يمكن فعله لاحتواء الحرب التي أضحت وشيكة للغاية لاسيما ان اخطارها غير محصورة داخل العراق فحسب, بل ستمتد آثارها الى دول عديدة ضمن عمليات انتحارية خارج بغداد قد يتعذر السيطرة عليها, وهذا يعني اتساع بؤر التوتر في مناطق متعددة, غير ان الفرصة تبدو مواتية أمام العراق لتسوية أزمته مع الأمم المتحدة سلما تجنيبا للشعب العراقي ودول المنطقة مغبة مخاطر وخيمة لا يمكن التكهن بفداحتها على الأمن والسلم المحفوفين بالمخاطر حاليا في منطقة تعد من أكثر مناطق العالم حيوية, لا سيما ان الاجماع الدولي بدأ يتزايد بأهمية نزع أسلحة الدمار الشامل من العراق, وليس بمستبعد ان يتحول هذا الاجماع الى إرادة واحدة من الدول الكبرى بشن حرب على العراق, وازاء ذلك فان دول العالم مدعوة اليوم بالسرعة الممكنة للبحث في الطرائق الكفيلة بتجنب وقوع الكارثة, فإبعاد شبحها عن العراق ودول المنطقة أجدى وأفضل من الخوض في غمارها.