إن أهم مبدأ تمسكت به الولايات المتحدة الأمريكية هو موافقة الشعب المحكوم على الحكم المفروض عليه , ولما كان هذا المبدأ مطبوعا في فكر الولايات المتحدة الأمريكية, فإنها تريد أن تعرف هل أن سوريا مثلا , ستوافق على حكم فرنسا عليها؟ وهل أن مثل هذا المبدأ ينطلق على حكم فرنسا عليها؟ وهل هذا المبدأ ينطبق على بريطانيا أيضا؟ وهل كان شعب العراق يوافق على حكمها له؟.
جميع ما سبق كان المنطق الذي تتحدث به الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأولى ولعلها ترمي آنذاك للوصول الى الحالة التي تعيشها قريتنا العالمية هذه الأيام , ولقد تولد عن هذه السياسة الخفية والقذرة أبشع صور الدمار للحضارة الانسانية ولتدمير حياة البشر من غير حساب ومن دون حدود أو حصر إرضاء لرغبات حفنة من السياسيين الذين توسعت مطامعهم لتصل الى إخضاع جميع دول العالم تحت لواء سيطرتهم الرأسمالية.
ما نريد الوصول اليه في هذه العجالة هو تذكير جميع دول العالم ان الولايات المتحدة الأمريكية لا تعترف بأي معاهدات سبق وأن أبرمتها مع أي دولة من دول العالم متى ما أتضح لها ان هذه المعاهدات ستشكل عائقا امام مطامعها التوسعية , والدليل هو نقض ودرو ولسن مبادئه التي تقول: (ان وجهة نظر الولايات المتحدة الأمريكية كانت عدم الاهتمام بمطالب بريطانيا وفرنسا من الشعوب المحتلة إذا ما وافقت هذه الشعوب على المطالب المفروضة عليها).
ان الخيانة لا تقصر على أمريكا فحسب وإنما معظم الدول الرأسمالية ذات المطامع البشعة للسيطرة على أقصى ما يمكن من اقتصاديات دول العالم , والدليل هو خيانة بريطانيا للملك حسين عندما خدعوه بعد تأليف جيش عربي للقتال ضد الجيوش الألمانية والعثمانية في الوقت الذي كانت القوات البريطانية والهندية التابعة لها في أحرج حالاتها العسكرية , ولقد وضع الملك حسين ثقته في الوعود التي قدمها له البريطانيون لضمان استقلال البلاد العربية بعد انتصارهم في الحرب.
أما الواقع فقد كشف آنذاك عن وجود اتصالات مكثفة بين بريطانيا والمنظمات الصهيونية العالمية , وتقديم وعودهم بأمل كسب تعاون يهود العالم , وقيل انهم اعتمدوا على اتفاقية سرية عقدت بين بريطانيا والحركة الصهيونية تعهدت بموجبها المنظمات الصهيونية بحمل الولايات المتحدة الأمريكية على دخول الحرب الى جانب دول الحلفاء إذا تعهدت لهم بريطانيا بتأسيس دولة لإسرائيل في فلسطين, إن علينا الحذر من الوعود التي يقطعها الرأسماليون على أنفسهم فكما قال ودورو ولسن(من ان كل شيء جايز في الحرب، ومن ذلك ازدواجية الوعود ثم النكث بالوعود) (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).