الوطن ..
ماذا يعني لنا ؟
هل هو مجرد قطعة الأرض التي تظلنا؟
هل هو مجرد مكان نعيش عليه ونحيا به؟
أم انه "معنى" يتجاوز كل التعريفات الجغرافية والتاريخية ليمثل لنا "القيمة" التي نعتز بها، وتدفعنا لبذل الروح رخيصة من أجل الدفاع عنه؟
هذه هي بالضبط معادلة الحياة التي يكون الموت "مرادفا" شريفا يهون أمام كل ما يمسّه أو يحاول النيل منه .. وهذه هي التي نحاول أن نرى انعكاسها على السلوك الفردي العام الذي يتشكل في الوعي الاجتماعي لأي أمة ولأي مجموعة تنتمي إليها .
@ @ @
لذا يكون حجم اندهاشنا مما فعله ويفعله المحامي صلاح الحجيلان، الذي يحاول أن يقنعنا بأنه يكتســب صفة "الحياد" في قضيــة ينبغــي ألا تعــرف الحياد أصلا، خاصة إذا كانت تتعلق بـ "الوطن".
المحامي الحجيلان .. يبدو أنه نسي أو تناسى أن القيمة في حد ذاتها أهم من الشهرة، بل ينبغي أن يدرك أنه حتى في القضاء الغربي أحيانا يتنحى القاضي إذا شعر أن للمتهم صلة قرابة أو معرفة به تلافيا لأية شبهة أو تأثير ولو غير ملموس، فما بالنا والمسألة تتعلق بكرامة وطن وشرف أمة . !
الحجيلان للأسف بدفاعه عن السيد عبد الباري عطوان، تجاهل أن قدسية الوطن ترتقي فوق عبث العابثين وتخرّصاتهم دون لجوء لخداع في القول أو قفز فوق الوقائع أو تجاهل للحقائق الدامغة.
لذا ، كان مخجلا أن يقبل مواطن سعودي يكون ولاؤه لبلده فوق أي شك.. مهمة الدفاع عن واحد من أشرس المهاجمين لهذا البلد بأباطيله وأراجيفه، بل لا نكون مبالغين إذا قلنا انه يحمل كراهية لنا تفوق أي وصف ، وتتجاوز ادعاءات الأعداء وحقدهم الدفين .
للأسف.. وكما قلنا بالأمس ، الحجيلان يسوّق عبد الباري عطوان وكأننا شعب من الأغبياء.. وجعل منه أسطورة المدافع عن العرب والحقوق العربية في عواصم الغرب دون أن يسأل نفسه: لماذا؟ وكيف؟ والأهم .. من أين؟
وكأن شتائم عطوان لنا ، في نظر الحجيلان وسام يجب على كل منا أن يعلقه ويحفظه عن ظهر قلب.. بل المثير للسخرية أن يحاول إقناعنا بأن خطاب عطوان الإعلامي مثال للحقيقة الغائبة التي يجب أن نعيها !
شتائم عطوان ـ مثلما يتوهم الحجيلان ـ تحولت بقدرة قادر إلى نوع من "الغيرة" على العرب والوضع العربي ، وليست مجرد "نفحة" حقد طارئة يمكن لها أن تزول مع اكتشاف الواقع، وأكاذيبه للأسف وجدت من بيننا من يصدقها ويدافع عنها بل ويجرؤ على المجاهرة بها ولو من باب الوظيفة المهنية !
ـ نفهم أن "المحامي" يحاول تجيير أي قضية لصالح موكله..
ـ نفهم أنه يحاول كسب الوقت والوقائع ومن ثم.......... المال أيضا..
ـ نفهم أن الترافع يجب أن يستند إلى الأدلة المادية الملموسة ولو باختلاق التفسير وتبرير الظروف واستلاب الدوافع ...
ـ نفهم أن لأي "محام" منطق وقدرة على قلب الوقائع.. ولعب دور الاستعطاف والتمثيل والإيهام حتى بالجنون
ـ نفهم .. ونفهم .. ونفهم ..
ولكن ما لسنا على استعداد لفهمه أبدا وتحت أي ظرف ..
كيف أنك تستشهد بعدالة القضاء السعودي ثم تترافع عن شخص لم يترك "نقيصة" إلا وألصقها بنا ، ولم يترك أكذوبة إلا ونسبها إلينا.. في حالة تستوجب العقاب الشرعي أصلا !
وكيف يكون "المقابل المادي" ثمنا بخسا للترويج لبضاعة فاسدة من بائع فاسد؟
وكيف لنا كمواطنين أن نقبل المساومة في أعز وأشرف ما يمتلكه الفرد .
وكيف تضعف النفس أمام إغراء سخيف كهذا الذي يحدث ؟
@ @ @
يبدو أن الأستاذ صلاح الحجيلان يعاني من ثقوب هائلة في الذاكرة ، جعلته ربما يكتفي بقبول القضايا دون أن يبحث في أخلاقياتها الأساسية وهذا هو الحبل السرّي الهام جدا ..
ويبدو أن الأستاذ صلاح قد أراد أن يجرّب شهرته في منطقة غير قابلة للتجريب وغير خاضعة للمساومة لأنها ببساطة "لا أتعاب فيها" !
ويبدو أخيرا.. أن المحامي "النّابه" قد خانته نباهته هذه المرة ، فحاول أن يطال قامة النخيل ولو متسلقا أكتاف "عبد الباري عطوان" .. فهوى في حفرة ما كان يتوقعها في أسوأ الأحوال.
نعلم انه الآن في "ورطة" لا نقول عنها انها "العمالة" لا نرضى أن تكون "خيانة".. إنها المأزق الأخلاقي الذي يجد فيه المرء نفسه يقف وحده ضد وطن بأكمله ..
بأخلاقياته ..
بمبادئه ..
بمثالياته ..
بقيادته وشعبه ..
بكل ما يمثل التاريخ والجغرافيا وحبات الرمل التي تتناثر هنا وهناك وتحتضن النخيل في تسامح ونبل وكرامة..
نعلم انه الآن يعاني من الكأس التي تجرعها ـ بافتراض حسن النية ـ رغم أن العلاج بيده وحده.. وربما يمحو ذلك بعض خطيئته .
فوطننا ،
أكبر من أي متلاعب.. وأسمى من أي متطاول أو باحث عن شيء يتسلقه ..
وربما هذا فقط..
يغنينا عن إعادة قصة الذبابة والفيل مرة أخرى .
اليوم