تقديم
يعيش الكاتب والناقد معجب العدواني هذه الايام فرحة صدور كتابه الاول "تشكيل المكان وظلال العتبات" ويقضي اجازة قصيرة من رحلته الدراسية الى بريطانيا. اليوم الثقافي انتهز هذه الفرصة محاورا العدواني حول باكورة انتاجه وان تشعب الحوار الى نادي جدة الادبي وهمومه والورشة النقدية التي كان يشرف عليها والى موضوعات اخرى مغايرة.
الأدب النسائي
@ ما سر اهتمام معجب العدواني بالادب النسوي وبانتاج رجاء عالم على وجه الخصوص؟
ـ ادب المرأة في المملكة تحديدا لم يحظ بالاهتمام الكافي وحتى الدراسات الاكاديمية التي اعتمدت على ادب المرأة بوصفها جسدا للدراسات كانت قليلة الى حد ما أضف الى ذلك ان السرديات نفسها خصوصا الرواية النسوية في المملكة مع وجود اعداد كبيرة من الروائيات اللاتي يحمل ادبهن ملامح واشارات مهمة تجدها توشك ان تفضح عما تريد ان تقوله المرأة لهذا المجتمع هذه الاعمال الروائية للمرأة كانت علامات مهمة في مسيرة الرواية السعودية. وكانت اعمال رجاء عالم الروائية من ابرز تلك الاعمال النسوية ليس فقط على مستوى الكم ولكن على مستوى الكيف ولعل في هذا ما يدعو للاهتمام بابداعات رجاء عالم وعلى وجه التحديد. وللعلم فان انتاج رجاء عالم يشكل ما نسبته 10 بالمائة من الاعمال النسوية في المملكة مع ملاحظة ان كتابات رجاء مختلفة عن غيرها حتى على المستوى العربي، وهذا ما يبحث عنه الناقد في الاعمال الابداعية.
القارىء المجاني
@ تطرقت في كتابك "تشكيل المكان وظلال العتبات" الى القارىء الحقيقي والقارىء "المجاني" كما اسميته فهل القارىء المجاني يقابل القارىء الحقيقي وهل تعني ان القارىء هو الملوم اذا عجز عن التواصل مع ما طرحه الكاتب؟
ـ انا اسعد الان اذا وجدت قارئا حقيقيا او مجانيا ـ يضحك ـ فهناك غياب كبير للقراءة في مجتمعنا وهذا ما لانحسد عليه. تكلمت عن هذين القارئين باعتبار ان الاول هو الذي يجعل نفسه مشاركا في العمل الذي يقرؤه فاصبح له قيمة حقيقية لانه مشارك في صياغة العمل وهذا القارىء يشعربلذة حقيقية بعد فراغه من القراءة وفراغه من ايجاد الدلالات الكبيرة لهذا العمل.
القارىء المجاني هو الذي ينتظر من المؤلف ان يملي عليه افكاره بطريقة مباشرة وعلى سبيل المثال يميل بعض القراء الى قراءة العمل وهو في فراش النوم متصورا ان القراءة تجلب له النوم، بينما القراءة هي المشاركة في ايجاد دلالة ما للعمل. يقول "نيشتة" يشعر القراء عند القراءة للكتاب الغامضين بانهم وجدوا لذة وهم ينسبون هذه اللذة خطأ الى المؤلف والصحيح انها تنسب اليهم لانهم هم الذين صنعوا هذه اللذة. وبعض الاعمال حينما تقرؤها نحتاج الى ان تقرأ غيرها ليعينك على قراءتها فنحتاج الى ان تعود الى المعاجم او ان تقرأ بعض الجذور الفلسفية حتى تستطيع ان تتعمق في هذه الاعمال وهذا ما يميز القارىء الحقيقي عن غيره الذي يستطيع ان يستنتج الدلالة.
اتجاهات
@ اين يضع معجب العدواني نفسه بين نقاد هذا الجيل؟
ـ اولا مسألة الجيل التي تكررها اعتقد ان بها شيئا من المجانية في التعبير لا اتصور ان هناك جيلا يجمع النقاد بل هناك اتجاهات نقدية هي التي من الممكن ان تضع كل مجموعة من النقاد على حدة ولا اتصور اني استطيع ان اضع نفسي في مكان يميزني عن الاخرين ولكن الجهود التي اقدمها تنصب مع ما يقدمه الزملاء النقاد. ومع ذلك فانا لا املك ان انكر ان هناك جيل كان له دور في خلق افاق جديدة وحديثة للنقد في المملكة وهو الجيل الذي يجمع الغذامي والسريحي والبازعي ومعجب الزهراني ومن باب الوفاء ان ندين لهم بالفضل.
طباعة
@ قام النادي بطباعة كتابك "تشكيل المكان" الا ترى ان النادي لا يقوم الا بطباعة كتب اعضائه ورئيسه بينما يوصد الابواب امام الاخرين وفي الوقت ذاته الايجد اعضاء النادي ورئيسه غضاضة في طباعة كتبهم عبر ناديهم.
هذا السؤال لا يوجه الي فانا لست عضوا في النادي الادبي وقد كنت مسؤولا عن ورشة النادي في يوم من الايام. النادي الادبي مؤسسة ثقافية لها رئيس واعضاء مجلس ادارة وليس لي اية صفة رسمية في هذا النادي. وكنت حريصا على متابعة مناشط النادي رغبة في الثقافة وحبا فيها. وهذا لا يعني انني اصبحت احد اعضاء مجلس الادارة والسؤال يمكن ان يوجه لهم.. لماذا طبع النادي كتبهم؟ انا تقدمت الى النادي بطباعة كتابي واشكر لهم الموافقة على طباعته ولو رفضوا طباعته فلن اغير نظرتي لهذا النادي.
وعبدالفتاح ابومدين نشر بعض كتبه عن طريق النادي واعتقد ان مجلس الادارة قد وافق قبلا على نشر هذه الكتب ومجلس الادارة نخبة من وجهاء الثقافة في البلد وهم الذين يملكون الموافقة على نشر اي منتج عن طريق النادي سواء لرئيس النادي او لغيره.
تخصص
@ الدكتور معجب الزهراني: انه قد فات على جيلنا النقدي ان يتخصص في زوايا نقدية محددة وعلى الجيل الذي يلينا الا يقع فيما وقعنا فيه. فلماذا لا تستمر في تخصصك الذي بدأته في رسالة الماجستير وهو "التناص" وتبحث فيه بشكل رأسي بدلا من البحث بشكل افقي وفي اكثر من منطقة؟
ـ التناص كان مصطلحا له عمق معرفي يغري بمتابعته ويغري بممارسته على النصوص الادبية ولم اكن بعيدا فيما طرحت التناص حتى ان اغلب الدراسات التي قمت بها تدور حول هذا المصطلح لكن هذا لا يعني ان يبقى الناقد محصورا في خندق واحد ويبقى يعمل مع مصطلح واحد ويهمل ما عداه. انا لم اهمل "التناص" والتخصص فيه في مرحلة الدكتوراة لكن هذا لا يعني ايضا ان اهمل المفاهيم الاخرى. ولا بد للناقد ان يهتم بمناطق معينة حتى يستطيع ان ينتج فيها بشكل رأسي وعملي في زاوية محددة كالتناص مثلا لا يجعلني ادعي انها منطقتي لوحدي ولا اسمح لاحد بالدخول اليها بل سأكون سعيدا لو اطلعت على دراسة تضيف الى هذا الحقل التخصص شىء جميل ومهم جدا وجيلنا لم يبتعد عن التخصص بل نحن قريبون جدا من ان نكون متخصصين في زوايا نقدية محددة لكن هل هناك ما يكفي من النقاد لتغطية جميع المناطق النقدية وحتى يتخصص كل ناقد في مصطلح معين.
الآخر
@ لماذا اتجهت الى الخارج لاتمام دراستك العليا وكان باستطاعتك ان تكملها في جامعة الملك سعود بالرياض. هي هي "عقدة الخواجة" التي دفعتك الى ذلك؟
ـ " ضاحكا" طبعا لا فانا عربي واتكلم اللغة العربية وتخصصي في اللغة العربية، لكنها عقدة الاطلاع على ثقافة الاخر ولاسيما في هذه المرحلة. واعتقد ان الابتعاث فرصة لي لللاطلاع على الثقافات الاخرى ليس في حقلي النقدي فحسب وانما في جميع الحقول وانا اسعد بكل لحظة اقضيها هناك لانني اتتبع كيف تتحرك الحياة في الغرب وهذا ما يسبب لي اضافة مهمة فاننا لا اعيش صدمة بل اسميها اضافة والاضافة اسعى اليها وثق ثقة تامة انها ليست عقدة الخواجة هي التي دفعتني الى السفر الى الخارج.
مجاملة
@ يقال انك عندما كنت مسؤولا عن الورشة النقدية في النادي الادبي وعن اقامة الندوات والامسيات فيه كانت المجاملة هي عامل الحسم في استضافة بعض الشخصيات غير المؤهلة؟
ـ اعتقد انني خلال اشرافي على الورشة النقدية لم اقم باستضافة اية شخصية ضعيفة او رآها الاخرون كذلك اما الامسيات فلست منظما لها وكان النادي حريصا على التنويع في محاضراته ولم يكن خاصا بالادب فحسب فهو يفتح افاقه لمحاضرات دينية او اجتماعية او تاريخية.
اندثار
@ لماذا لم تحرص على استمرار الورشة النقدية التي كنت تشرف عليها ام ان اندثارها يرضي غرورك؟
ـ لا لم اسعد بتوقف نشاط ورشة النادي وكنت احرص الناس على ان يتولى هذه الورشة احد زملائي المهتمين بها كثيرا لكن هناك عناصر ساهمت في اندثارها فقد كان خروجي والدكتور محمد ربيع من جدة الى الرياض وانشغال بعض اعضاء الورشة كحسين بافقيه برئاسة مجلة الحج وانشغال الدكتور حسن النعمي بنادي القصة كل هذه العناصر ساهمت في توقفها ولم يكن سبب توقف الورشة هو خروج معجب العدواني فقط. وستأتي اللحظة التي تعود فيها ورشة النادي قوية ولا ادري متى واتوقع ان مشروعها كنشاط نقدي متميز وخلاق وهذا المشروع لا ينبغي تركه لابتعاد شخص او اخر لان من مميزاتها انها خلقت اسماء نقدية متميزة ولهذا سترون قريبا من يقود هذه الورشة ويعيدها الى ما كانت عليه.
انشغال
@ لماذا سلمت رئاسة الورشة الى حسين بافقيه بعد انتقالك الى الرياض ثم سحبت منه مباشرة؟
ـ هذه الاسئلة الاعرف بها عبدالفتاح ابومدين والذي اعلمه ان حسين مشغول ولا يستطيع ان يدير الورشة.
اسهامات
@ دائما ما تردد: هذا الشىء لا يعرفه الا عبدالفتاح ابومدين وهذا لا يمكن ان يسأل عنه الا ابومدين فهل رئيس ا لنادي مستبد برأيه الى هذا الحد؟
ـ لا اعلم ان كان مستبدا برأيه ام لا ولكن الذي اعرفه ان عبدالفتاح ابومدين هو الشخصية الرسمية للنادي وهو رئيس النادي وقد يكون قد اقترح حسين بافقيه او غيره لرئاسة الورشة ولو علمت ان هناك شخصا صالحا لادارة الورشة لسعيت الى تكليفه بها فهل لديك اسم نقترحه لادارتها؟ النادي يمثل مظلة اشرافية للورشة النقدية ولم يكن ابومدين يتدخل في عملنا اطلاقا او يتدخل في اختيار الشخصيات او الموضوعات.
وفي فترة وجودي لم اجد منه اية مضايقات بل كان له اسهاماته الجميلة في هذا المجال وله بصماته الواضحة على مستوى اندية المملكة كلها.
تفعيل
@ فكرة انشاء ناد للسيدات هل تجدها جيدة ومثمرة ولماذا لا يكون النادي الادبي هو المظلة التي تجمع الرجل والمرأة بشكل لا يؤدي الى الاختلاط وانما يثمر حوارا بناء بين الرجل والمرأة؟
ـ الا تلاحظ انك تتحدث معي وكأني رئيس النادي الادبي في جدة. نادي جدة كان يدعم مشاركة المرأة في انشطته وبشكل غير مسبوق وملتقى النص خير شاهد على ذلك وقد خصص مكان للمرأة داخل النادي ولا يسمح بالاختلاط. اما النادي المستقل للمرأة فلم اسمع به حتى الان ولا ادري مدى فعالية ذلك ولماذا لا تخصص اماكن للمرأة داخل النادي ولست ارى ان انشاء ناد للمرأة في مصلحة الفعل الثقافي نفسه لاننا في جدة بعض المنتديات النسوية والصالونات ادبية نسوية فماذا ستضيف لهذه المنتديات. نحن الان بحاجة الى تفعيل دور هذا الكائن والتحاور معه بدلا من عزله والتحاور بين الرجل والمرأة هو الجو الطبيعي الذي ينبغي ان نسعى اليه لانتاج ثقافة حقيقية.