كان للقرار الوزاري الصادر في عام 1400هـ والذي يقضي بمنح تراخيص للمشاغل النسائية أهدافه التربوية وضوابطه الشرعية التي تحفظ للمرأة كرامتها وتحافظ على الاحترام الذي تحظى به المرأة في مجتمعنا والمكانة المتميزة التي تتمتع بها.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، فقد استهدف هذا القرار أن يتضمن إنشاء هذه المشاغل رسالة تفتح الباب أمام توفير المزيد من فرص العمل لتلك الأعداد الهائلة من خريجات معاهد الخياطة، وبحيث تكون هذه المشاغل رافداً من روافد العمل النسائي.
وعلى الرغم من كل هذه الدوافع والأهداف التي تقف وراء هذا القرار الوطني، إلا أن الصورة جاءت على عكس ما يهدف إليه القرار، إذ تم استقدام الالاف من النساء من جنسيات مختلفه، مسلمات وغير مسلمات للعمل بهذه المشاغل التي لا هدف لها ـ في ظل غيبة الفهم الصحيح لأهداف هذه المشاغل ـ إلا تحقيق المزيد من الأرباح وكسب المزيد من المال، حتى طغى الهدف المادي على الكثير من دون هذه المشاغل، وأصبح أمر الخياطة في ذيل قائمة أهدافها .
أما ما نراه من حال المشاغل النسائية، فهو أمر يدعو إلى العجب والدهشة، إذ تفرغ بعض هذه المشاغل لمخالفة (الفطرة) في الكثير من الممارسات التجارية، وجرياً وراء المزيد من الكسب المادي، فيقوم بأعمال ليست من اختصاص المشغل النسائي وإنما من اختصاص ما يسمى بالكوافيرات كالقص والأصباغ وغيرها من مستلزمات هذه المحلات، وإذا ما تمت حياكة ثوب لمناسبة من المناسبات، فحدث ولا حرج إذ أن الثوب غالباً ما يتنافى مع ضرورات الاحتشام وأصوله .
وهنا ينبغي لنا أن نتساءل: هل يحق لهذه المشاغل، بمجرد حصولها على الترخيص، ان تعمل ما تشاء بلا حسيب أو رقيب ؟! إن الإجابة على هذا السؤال ضرورية، فالمخالفات المهنية والشرعية أصبحت شيئا عادياً بالنسبة لبعض هذه المشاغل، والأسعار نار وكلها جشع وطمع، والإدارة (غائبة) عن الكثير من هذه المشاغل، فأصبحت العاملات في الخياطة هن اللاتي يتحكمن في تشغيلها وإدارتها، مع ما يصاحب ذلك من سلبيات كثيرة منها أن بعضهن لا يلتزمن بتقاليد هذا المجتمع وقيمه . إننا نأمل أن يتم تحقيق (السعودة) في المشاغل النسائية، ولا شك أن تحقيق هذا الهدف سيؤدي إلى كثير من النتائج والثمار الطيبة، على رأسها توفير فرص العمل لأعداد كبيرة من فتياتنا اللاتي يبحثن عن عمل، بالإضافة إلى المحافظة على قيمنا وعاداتنا من أن تتأثر مع مرور الزمن بتقاليد وعادات الكثير من الوافدات. وإلى أن يتم تحقيق هدف (السعودة) أدعو إلى تكثيف الرقابة على هذه المشاغل، تفعيلاً لاختصاصها، بالحياكة والحد من استغلالها المادي، ومنعاً لها من اللجوء إلى ممارسة اختصاصات وأعمال ما يسمى بالكوافيرات وهي ليست من شأنها تحت تأثير الرغبة في كسب المزيد من المال.
@@ علي بن سليمان الدبيخي ـ بريدة