اختتم مؤتمر مكة المكرمة الثالث أعماله أمس في مقر الامانة العامة لرابطة العالم الاسلامي في العاصمة المقدسة الذي أقيم تحت عنوان "العلاقات الدولية بين الاسلام والحضارة المعاصرة".
ومن التوصيات: وجوب تطبيق الاسلام في حياة المسلمين ودعوة حكامهم الى الالتزام بذلك في شؤون الحكم ورعاية مصالح شعوبهم وفي علاقاتهم مع الآخرين. ودعوة المسلمين ومؤسساتهم الى الوعي بواقع الأمة والتحديات الخطيرة التي تواجهها ولم الشمل والتواصل والتفاهم والتنسيق والتعاون في كل مجال نافع. واشاد المؤتمر بمبادرة المملكة العربية السعودية بدعوة العرب باعتبارهم قلب العالم الاسلامي الى الاتفاق على ميثاق لاصلاح أوضاعهم وتحمل مسؤولياتهم تجاه أنفسهم وحثهم على بدء مرحلة جديدة في علاقاتهم مع بعضهم بعضا ومع الاخرين قائمة على الصراحة والوضوح والعقلانية والواقعية. وأكد على أن المبادرة جاءت فى وقت تحتاج فيه الامة الاسلامية الى وحدة الصف والتعاون والتنمية والتآخي والدفاع عن شخصيتها وفق مبادئ الاسلام.
ودعا الدول الاعضاء الى تنفيذ القرارات القاضية بانشاء محكمة العدل الاسلامية واقامة سوق اسلامية مشتركة واصدار عملة اسلامية موحدة.
وأكد على ضرورة انشاء مركز الحوار بين الحضارات الذي أوصى به المؤتمر الاسلامي العام الرابع الذى عقدته الرابطة في شهر محرم 1423هـ ودعم الجاليات المسلمة فى الخارج علميا وفكريا وثقافيا واقتصاديا لتصبح قوة تأثير ايجابية.
واعرب المؤتمر عن قلق المسلمين للعدوان الاسرائيلي المستمر على شعب فلسطين .. وحث الدول على ايجاد حل سلمي للأزمة الخاصة بالعراق.
واستنكر المؤتمر الحملات الاعلامية التي تشنها بعض المؤسسات الغربية على الاسلام وعلى القرآن الكريم وعلى خاتم الانبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، داعيا رابطة العالم الاسلامي الى انشاء مركز معلومات عالمي يهتم بمتابعة الحملات المغرضة وتسجيل أسماء العلماء والخبراء المسلمين الذين يستطيعون الاسهام في هذا الجهد.
وأشار الى أن الرسالات الالهية قررت قاعدة وجوب العدل بين الناس وأن خاتمتها رسالة الاسلام قررت بشكل قاطع هذه القاعدة في علاقة المسلمين بغيرهم وينبغي العمل على أن تكون العلاقات الدولية فى العصر الحاضر قائمة على قواعد انسانية ثابتة وعادلة معترف بها لا تغفل ما جاءت به رسالات الله سبحانه وتعالى التى سادت بين الناس وأمرت بالعدل وقررت الحقوق والواجبات بين الناس.
واكد المؤتمر أن قاعدة المعاملة بالمثل مبدأ مقرر في القوانين الدولية الا أن الاسلام حبذ معها الصفح والتسامح والصبر واستمرار الحوار للوصول الى الحق والبعد عن الفتن والتحارب في المجتمع الواحد والسلام هو الاصل فى العلاقة بين المسلمين وغيرهم والترغيب فى السلام وتحقيق الامن للناس غاية كبرى في الاسلام واليسر والسماحة فى العلاقة مع الاخر وانتهاز مبادرات السلام العادل والتسامح والبر مع غير المحاربين.
وتدارس المؤتمر واقع العلاقات الدولية في عالمنا المعاصر وتوقف عند الكوارث الانسانية التي حلت بالانسانية في القرن العشرين ومنها كارثتا الحرب العالمية الاولى والحرب العالمية الثانية اللتان أودتا بحياة الملايين من بني الانسان وأن هذا الواقع يكشف أن الابتعاد عن الدين يزيد عوامل الصدام ويعرقل الحوار والتعاون لتحقيق المصالح الانسانية المشتركة.
وأكد أن حسابات المصالح غلبت المبادئ والقيم في الحضارة الغربية حيث رأى الغرب من مصلحته على سبيل المثال زرع اسرائيل فى قلب الوطن الاسلامي واقامة دولة الصهاينة على أرض فلسطين وعلى حساب شعبها المسلم وكذلك لصق تهم التعصب بالمسلمين والتخطيط لتقسيم شعوب الامة الاسلامية والسيطرة على مواردها الطبيعية وتهديد بعض دولها بالحرب.
ولاحظ المؤتمر أن الغرب الذي تراجع عن سياسة احتلال البلدان الاسلامية وغيرها بعد الحرب العالمية الثانية لم يلتزم بالمبادئ الانسانية التي تضمنتها لوائح النظم الدولية وفي مقدمتها نظم هيئة الامم المتحدة.
كما لاحظ أن الحضارة المعاصرة فصلت بين الشعارات والتطبيق مما أسقط من الناحية العملية كثيرا من المبادئ التى نادت بانقاذ الانسان في كل مكان مثل: الحرية، حقوق الانسان، حق تقرير المصير للشعوب وغير ذلك من الشعارات.
واشار الى أن الارهاب ظاهرة عالمية تستوجب جهودا دولية لاحتوائها والتصدى لها بروح الجدية والمسؤولية والانصاف من خلال عمل دولي متفق عليه فى اطار الامم المتحدة ويعالج أسبابه ويحدد معنى الارهاب تحديدا سليما ويكفل القضاء على هذه الظاهرة ويصون حياة الابرياء ويحفظ للدول سيادتها وللشعوب استقرارها وللعالم سلامته وأمنه.
واشار الى أن الرابطة قدمت للعالم تعريفا اسلاميا لمفهوم الارهاب وبينت دور وسائل الاسلام فى علاجه واجتثاث أسبابه ومنعه وذلك فى بيان مكة المكرمة الذى أصدره المجمع الفقهى الاسلامي فى الرابطة فى دورته السادسة عشرة التي عقدت في شهر شوال 1422هـ داعيا المنظمات الدولية للاستفادة منه.
وأعلن أن أحداث 11 سبتمبر عمل ارهابي تدينه الشعوب المحبة للسلام والمتمسكة بالمبادئ والقيم ومنها الدول والمنظمات الاسلامية وفى مقدمتها رابطة العالم الاسلامي مؤكدا أن هذه الاعمال تتنافى مع رسالة الاسلام وأحكامه التى تحرم قتل النفس بغير حق.
ورأى المؤتمر أن مقاومة الاحتلال الاجنبى هي حق كفلته الشرائع الدينية والقوانين الدولية ولا يجوز وضعه ضمن أعمال الارهاب.
كما أكد المؤتمر أن بناء الاسرة السليمة وفق الروابط الشرعية يعد أساسا لبناء مجتمعات انسانية قوية وصحية ونظيفة وهذا ينبغى أن يكون فى مقدمة برامج التعاون الدولي.
وفي الختام رفع المشاركون برقيات شكر وتقدير الى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز لمواقفه الاسلامية العظيمة ولمواقف المملكة العربية السعودية الثابتة فى الدفاع عن الاسلام والمسلمين والى صاحب السمو الملكي الامير عبدالله بن عبدالعزيز ولى العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني والى صاحب السمو الملكي الامير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام ورئيس المجلس الاعلى للشؤون الاسلامية على جهودهم فى نصرة الاسلام والمسلمين والى صاحب السمو الملكي الامير عبدالمجيد بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة على تفضله برعاية هذا المؤتمر.