في البحث الرصين، لابد من ان نميز بين نوعين من البطالة: الاول في أولئك الذين لا يجدون عملا رغم تخرجهم من الجامعة او حصولهم على مؤهلات علمية اقل.
والثاني البطالة المقنعة وتتمثل في العاملين في الدولة الذين يدخلون دوائر الدولة ولا يعملون بسبب عدم تشغيلهم. واذا كانت الدولة في العالم الثالث وتحديدا في معظم الدول العربية، قد اخذت على عاتقها استيعاب اكبر عدد ممكن من طالبي العمل بهدف تحقيق نوع من النهوض العملي بالمستوى المعاشي العام للشعب على اعتبار ان الدولة تحملت اعباء الاقتصاد الوطني بكافة تفاصيله في ظل الشمولية الاقتصادية، وبالتالي فقد اصبح الريف لديه فائض سكاني هاجر الى المدينة بفعل قوانين الطرد المعروفة والجذب من طرف المدينة.
وهكذا وجد الفائض السكاني في الريف واطراف المدن ونتيجة النهضة العلمية التعليمية افواجا بعد افواج يطلبون العمل لدى الدولة التي تؤمن الراتب الشهري وفق قوانين لا تخرج عنها وتعويضات وحوافز اخرى مع تراجع دور النشاط الاقتصادي للقطاع الخاص خلال الاربعين سنة الاخيرة، وتقوقع هذا النشاط وضغطه لنفقاته وفي المقدمة تقنين موضوع التشغيل فيه وتحوله الى قطاع اهلي لا يستخدم إلا اقاربه المقربين فقط.
وعلى الرغم من تدنّي الاجور وعدم تناغمها مع ارتفاع مستويات المعيشة فقد حافظت الدولة على ايجاد بعض فرص عمل رغم ان المسابقات كانت تقام من اجل بضعة عمال لا يؤخذ فيها عنصر الكفاءة المقدرة.
وبفعل ماآلت اليه الامور فإن فاقد الشيء لا يعطيه خاصة اذا ما عرفنا ان هؤلاء لم يخضعوا لاية دورة تدريبية واذاما دعوا لاداء دورة عزفوا عنها لانهم اصبحوا اكبر من ان يجلسوا على مقاعد الدراسة ليستمعوا بل تعودوا على اصدار الاوامر، واعطاء التعليمات وعدم القراءة او حتى التثقيف الذاتي. وهكذا فإن قيادات بهذا المعنى لا تستطيع ان تبادر او تتخذ مواقف تخدم العمل العام او حتى تقوم بتوسيع دوائر العمل لتشغيل مرؤوسيهم وفي احسن الاحوال يتحولون الى مراقبي دوام يدققون في دفاتر التوقيع وهكذا.
وايضا تندفع مثل هذه الادارات الى الانحياز التام نحو المنافقين من العاملين مرؤوسيهم وتبدأ سلسلة من الشللية تبدأ ولا تنتهي فيصاب المجتهد من العاملين بالاحباط، وتتساوى المسائل بين من يعمل ومن لا يعمل.