وهف

للنسيان في سجنه كوة يسرب منها إلى الذاكرة الغافلة بعض الشخوص والأمكنة والأزمنة فيثيرون في اللحظات شيئا من كل شيء لتأخذنا الدوامة في دورانها وتضعنا على خط واحد مع الفرح والحزن ونتذكر ضحكة هنا ودمعة هناك، ونشم رائحة عطر ما ونقبض على حفنة من التراب ونحاول أن نضع البحر بين أكفنا فلا نستطيع ونتوه في ساعات شتائية وثوان خريفية وأيام حر لاهب ألقتنا عراة على شاطئ الأمل.. هل حقا تنسى أم تتظاهر بذلك وأنت تستجيب لتسارع خطاك نحو الآتي الذي لايمهلك ولايدع لك مجالا للتفكير أو اتخاذ القرار فهو ماض في طريقه ولايمكنك أن تقف وحيدا.. المستقبل يناديك وأنت تمد يديك نحو ماض لاتريد أن تتخلص منه تتشبث بفرحه وألمه تطوف على ذاكرتك كل لحظات الفقد والفراق التي تعود لتجعلك في حالة فوضى شاملة مع حواسك فأنت تمسك بكفك ما تشم وتحتض بعينك لحظات تراها ولاتراها فناظرك يرسلها إليك لتكتشف أن سجن النسيان هو سجن للذاكرة هو لا يخرج ولكنك أنت تدخل إليه بمنتهى الطواعية.. بمنتهى الحب.. بمنتهى الرغبة في الألم.. بفقد الأحبة.. وفقد الذات.. فهل جربت أن تفتقد ذاتك من وراء حلم.. أو أمل أودعته ذلك السجن فظل هاجسا يلوح لك من بعيد ويقول.. لن تنسى.. ولن تنجح في محاولاتك فتأثير هذا المهدئ الذي اتفقنا على تسميته بالنسيان سرعان ما يزول. تعال.. وما بقى لي يوم في غيابك يصبرني أخاف أموت من شوقي.. وأنت مطول غيابك تعال.. وكل شي صار في بعدك يذكرني دروبك.. ضحكتك.. طاريك وريح العطر بثيابك.. ـ للشاعر ناصر السبيعي