أي قراصنة الموت. وتجار الحروب دعوا متسعا لأنفاسنا لملامسة ضوء الشمس.. دعوا متسعا لإحساسنا لملامسة هيكل الحب.. دعوا لأطفالنا حرية الفرحة بيوم جديد لا بكاء فيه.. ودعوا لأجيالنا القادمة فرصة عيش لا مذاق فيها لذل.. ولا طعم فيها لكراهية..
دعوا لعصافير الصباح المنطلقة من اوكارها ان تزغرد وان تغرد دون مطاردة.. ودعوا لحقول الحب ان تنبت وردتها الحمراء غير مخضبة بالدم.. مترعة بالألم..
اتركوا يا قراصنة الموت وتجار الحروب الحياة ان تحيا.. لا تنبشوا لها قبرا.. ولا تكففوها قهرا.. ولا تسربلوها فخرا، دعوها من حرابكم.. ومن خرابكم.. دعوها آمنة بلا صواريخ تهز اركانها.. بلا قذائف تهد بنيانها.. بلا عدوانية تحصد انسانها..
قبل ان تعرفكم الحياة.. قبل ان تتعرف على جنونكم كان لها وقع الحلم الجميل ترجعه وتسترجعه في عذوبة لا تعرف طعم العذاب.. قبل ان تحتضنكم في صدرها كان حنانها جنة.. وحنوها أجنة تسبح في فضاءات الرحم في رحمة لا كره معها .. وفي فسحة من الحرية لا زحمة فيها..
قبل ان ترضعوا لبن الشيطان الكامن في اعماقكم وترضعوه لأولادكم واحفادكم حروبا تلتهم الأرواح.. ودروبا مليئة بأشباح الأذى تنكأ الجراح.. قبل ان يتحرك دولاب عجلتكم بوقود المادة.. وبقيادة السفهاء منكم كانت الخيمة قصرا.. والجرعة نهرا.. واللقمة زادا لا مذاق معها لجوع.. او خنوع.. او ركوع..
وبعد ان جئتم تمتطون نسور الموت الجارحة.. وأحصنة الدمار الشاملة محصنين بحق القوة لا بقوة الحق.. تغير وجه الدنيا واكفهر أمام عيون الخلق.. وتحول النطق الى فسق.. والفسق الى ممارسة..
لا صوت يعلو على صوت النحيب.. ولا صمت يعلو على صمت الجثث والأشلاء المتكاثرة المتناثرة بأيد فاجرة غادرة.. انتظرنا اطلالة الصبح فطال بنا الانتظار.. وانتظرنا نهاية الليل فما أطل علينا نهار.. دخان النار.. ركام الدمار.. عويل الكبار وفزع الصغار شكلت ليلا لا نجوم فيه.. وسحابة سوداء لا مطر فيها.. اللهم الا دموع الأيامى واليتامى والموجوعين.. والمشردين.. والذين على حافات قبورهم المفتوحة في الهواء الطلق ينتظرون نهاياتهم التي يقررها مجنون كشارون او معتوه كنتنياهو.. او متواطىء او متباطىء يحرك الريموت كنترول على بعد كيفما يشاء.. فالعالم مزرعته. والعدل طاعته.. والقناعة قناعته.. ومفردات الأشياء كل الأشياء تخضع لصياغته. وقراءته..!
لا شيء الا ما يهوى قراصنة الموت وتجار الحروب.. عدالة غيرهم جور.. وجور من يرتضون عدل.. والويل لمن صرخ بفمه محتجا على ظلم.. او أشار بسبابته مدفوعا بعلم.. وكلمة الويل هنا تهمة عصيان لابد من استئصاله.. وارهاب لابد من اقتلاع جذوره.. وحصار قد يطول ويطول يفنى فيه من يفنى.. ويتوجع من قسوة مأساته من يتوجع.. حتى كلمة الشكوى الأبواب في وجهها موصدة.. دار هذا العالم لا يملك مفاتيحها الا القوي.. غير مسموح لصوت الضعفاء في ردهاتها ان يسمع.. وان سمع في غفلة من زمن لا جواب له.. حتى الآذان مغلقة لا تسمع الا بعد ان تستأذن..
من حق القوة ان تهزأ بالضعف.. ان تهزم الضعف.. تلك هي ابجدياتها وثقافة خطابها الحياتي المسنود بسلطة المادة وسلطان المصلحة.. وحدها التي تملك الحديث.. والتحديث. وتفرض الحداثة التي تحلو لها وتروق لمزاجيتها على غيرها.!
ومن لم يعجبه الأمر فليشرب من ماء البحر الميت هذا ان سمحت له عساكر الاحتلال التتري.. وما اخالها سوف تسمح أو تصفح.. أي قراصنة الموت.. وتجار الحروب.. اعطوا لعالمنا المسكون بأحزانه وجراحه هدنة لالتقاط انفاسه.. جربوا ولو مرة واحدة ان تكونوا عقلاء أسوياء.. دعوا الأطفال يمرحون.. والورود تتفتح.. والعصافير تزقزق.. والحلم الجميل الذي راودنا صغارا يداعب حياتنا من جديد. حينها سوف نحبكم عندما ينتهي حقدكم وظلمكم لغيركم.. الحياة محبة..