منذ فجر التاريخ انتشرت في بلادنا مدن عريقة. كانت من الأهمية للعالم القديم. أكسبت هذه المدن بلادنا مركزية دينية, وتجارية, وحضارية.. وتواصلت هذه المدن فيما بينها أخذا وعطاء عبر شبكة من الطرق البرية. أمتاز بعضها بالطول أو بالقصر بالسهولة أو الوعورة.. سلكها أبان ذروة نشاطها وحيويتها حجاج, وتجار وفاتحون, ورحالة وغيرهم.
ومع وجود وسائل المواصلات الحديثة انتفت الحاجة إليها وتراجعت أهميتها أمام المسافرين وبقيت تلك الطرق تعكس المظاهر التاريخية المتناثرة عبرها, وتعكس في ذات الوقت الثراء والتباين الطبيعي لأرض الجزيرة العربية. أجد في هذه المعايير التاريخية مجالا خصبا للاستثمار السياحي الوطني. فيما لوقامت الهيئة العليا للسياحة بإحياء رحلات عبر هذه الطرق. هدفها المتعة والفائدة.. وذلك بمشاهدة واستيعاب التاريخ الماثل خلال هذه الطرق كأطلال لبئر معطلة أو لقصر مشيد أو لغير ذلك وكذلك استحضار ما اتصل بهذه الطرق والآثار من ذكريات وقصص وأساطير وأدب شعري أو نثري حيث أن كل شبر من هذه الطرق له حكاية أو مرتبط بقصيدة.. رصدتها أسفار التاريخ واستوعبتها كتب الأدب على أن تأخذ الهيئة في اعتبارها المواسم المناسبة لذلك. وتضع كافة التدابير الكفيلة بإنجاح مثل هذه الرحلات التي تستهدف جلال الماضي, وجمال الحاضر مع التاريخ والطبيعة. أرجو أن يرد ذلك في سياق الخطط الطموحة للهيئة لاستغلال مدخرات التاريخ واستثمار معطيات الطبيعة.
@@ خالد بن فهد البوعبيد.