لا يمكن ان يتجاهل كل مواطن يملك حس المواطنة الصحيحة إلا ان يقدر لقيادة هذا الوطن التفكير عن بعد في القرار الذي أصدره سمو وزير الداخلية حول عدم تجاوز الوافدين 20% من سكان المملكة خلال السنوات العشر القادمة، وهو قرار يهدف إلى تحديد سقف العمالة الوافدة في البلاد، ولا شك في ان هذا القرار الصائب سوف يؤدي الى الحد من العمالة الوافدة بشكل تدريجي خلال السنوات المحددة المقبلة وهو أمر سوف يؤدي بطبيعة الحال الى تحقيق سياسة (الإحلال) أو مشروع السعودة ولو بشكل تدريجي الى ان تتحقق رؤية سموه نحو سعودة شاملة, وهي رؤية تعد واجبا وطنيا من أهم الواجبات التي يضطلع بها سموه.
ان البدء في اصدار القرار سوف يؤدي اضافة الى هدف تحقيق توطين الوظائف في المملكة الى إتاحة فرص واسعة أمام العمالة الوطنية لتتحمل مسؤولياتها كاملة للمساهمة الفاعلة في تنمية هذا الوطن وبنائه, وان كانت العديد من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء سبقتنا في مجال توطين وظائفها فان الوقت لم يفت بعد من أيادي المسؤولين في المملكة حيث شعروا بان الزمن موات للبدء في مشروع السعودة وفقا لأفضل الأساليب العلمية التي سوف تؤدي على الأمدين القصير والطويل الى تقليص العمالة الأجنبية والصعود بنسب العمالة الوطنية في المؤسسات الخاصة والعامة الى مستويات طيبة وان جاءت بشكل تدريجي, فالتدرج في تحقيق مشروع أفضل بكثير من القفزات الارتجالية فالمواطن بحاجة في الوقت الحاضر للعمالة الوافدة في الكثير من التخصصات والأعمال غير ان ذلك لا يعني الإغفال عن مشروع السعودة او عدم الأخذ به بطريقة جدية.
لقد تحققت بفضل دعم الدولة لمشروع السعودة منذ البدء في تطبيقه مراحل جيدة من التوطين تمت بشكل سلس وهذا هو المطلوب، فامتصاص عشرات الأعمال ذات الاختصاصات المتنوعة بغرض إبدالها بطاقات وطنية يحتاج الى فترة من الزمن.. والمملكة ليست في عجلة من أمرها.. فمشروع الإحلال لابد ان تسبقه مراحل الإعداد والتهيئة والتدريب, والعمل يجري على قدم وساق لاسيما في المؤسسات التعليمية على اعداد تلك الطاقات الوطنية وتهيئتها للعمل, ومن ثم الوقوف على احتياجات الأسواق السعودية.
وأرى ان على القطاع الخاص بكل هيئاته ان يلعب دورا فعالا وحيويا في هذا المجال تحديدا فالنسبة العظمى من العمالة الوافدة موجودة داخل هذا القطاع الحيوي, ولا بد في هذه الحالة من الالتفات للعمالة الوطنية وتهيئة الفرص أمامها في مؤسسات وشركات القطاع الخاص لتأخذ فرصها للعمل, وتلك تهيئة تدخل في صلب أوجب الواجبات التي يجب أن يتحلى بها رجالات الأعمال في هذا الوطن.