يقول لأمه: اطلقي سراحي.. اخرجيني من هذا المكان الضيق الى عالمكم الفسيح الملون العجيب.. اريد ان اركض واقفز والعب وامرح واضحك.
ربتت امه عليه وقالت: رويدك رويدك.. الذين يخرجون لا يعودون.. صحيح ان عالمنا فسيح وواسع ولكن المتآمرين الارهابيين جعلوه ضيقا مخيفا وغير آمن.
ان ما تعرفه اليوم من حلال وحرام.. وصواب وخطأ.. قد يتغير غدا الى العكس تماما.. شيء لا نفهمه..
انقلبت الموازين والاحكام.. واختل تفكير البشر فاصبحوا كالبهائم يساقون بمخدر الاعلام وهم يدركون تماما انهم يساقون الى حتفهم.. الى ذلهم وفقرهم.
وكيف يحدث ذلك يا امي.. أليس فيهم رجل رشيد؟
انها القوة والتسلط فالقوة تعمي البصيرة وتغري بالعدوان واجتياح الآخر وتسفيه ثقافته وموروثه ودينه, بل ان العدوان يسوق على انه تحرير لعقول متخلفة وثقافة مهترئة. اما الدفاع عن النفس والارض والمال والعرض فاصبح ارهابا بلسانهم وثقافتهم.
رفسها بقدمه رفسة قوية كادت تسقطها وتخل بتوازنها.
تحملت عفويته البريئة ونظرته السليمة.. وقالت رويدك.. رويدك.. الانفعال لا يجدي شيئا ولا يصحح اعوجاجا.. فهذا ما تفعله الامة تنفعل وتجتمع ويتحدثون.. ولكن بلا نتيجة.
يقول: هو حوار الطرشان.. اذن؟
تقول امه: اظنه حوار العميان.. فكأن هذه الامة قد تم تخديرها وتطويق ارادتها وقدرتها على الفعل, ورغم انها قادرة وتملك ما لا يملكه غيرها من اسباب القوة المادية والبشرية.. الا انها فقدت اعز ما تملكه امة.. ايمانها القوي الراسخ بالله سبحانه وتعالى.. ذلك الايمان الذي يدفع كل فرد فيها لان يقول: أمتى.. أمتى.. ديني.. ديني.. في سبيلهم اجاهد .
وكيف وصلوا الى هذا المنحدر؟. يسألها؟
اجابته: انها الدنيا والمال.. اما سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (ان لكل امة فتنة, وفتنة امتي المال) رواه الترمذي. وكيف يجاهد من جعل المال والسلطة هدفه.. فاذا ضعف الايمان في القلوب, تركوا الجهاد, فيتآمر عليهم اراذل البشر وينهبون ثرواتهم ويدمرون امكانياتهم وقدراتهم ليكونوا في حاجتهم دائما وطوعا لارادتهم.
وابشرك يا ولدي.. مع كل هذا الهوان والاستسلام,, توجد فئة ظاهرة صابرة مقبلة غير مدبرة, تجاهد في سبيل دينها واهلها ودمها ومالها وارضها.. هم شهداء في ارض الشهداء.. في فلسطين.. وفي اماكن اخرى.. يسمونهم ارهابيين.. ولكنهم عند الله شهداء.
قال: اريد ان أكون معهم.. ومنهم؟
اجابته: نعم انا اريدك كذلك.. وسأحرص على ان تكون كذلك.. فالمجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم.. القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا صيام حتى يرجع.. واطمئن سيكون معك كثيرون والله ناصر دينه.. ولو كره الكافرون..
غدا عيد....!؟
