تناولت موضوع مصنع سافكو بالدمام وضرورة نقله لاسباب بيئية وانسانية في عدة مقالات كان آخرها قبل سنتين (بدءا بـ- أما آن للمداخن أن ترحل في 28-8-1421هـ, ثم (جائزة التصدير وحماية البيئة) في 12-9-1421هـ - السكوت والمصالح- في 1421/10/10هـ وأخيرا - سافكو..يات- في 1421/12/2هـ خلصت بعدها الى قناعة تامة بعدم الجدوى في مناطحة حائط اسمنتي أعتل صلابة من سور الصين العظيم طولا وعرضا، الا أن بصيص أمل لاح في الافق قد يعجل برحيله نهائيا، وذلك عقب تصريح صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن ناصر بن عبدالعزيز الرئيس العام للارصاد وحماية البيئة قبل عدة أسابيع (جريدة اليوم، العدد 10812 في 1423/11/18هـ) والذي تناول موضوع المصنع من منظور بيئي صرف يصب في مصلحة هذا الوطن الغالي، وكل من يعيش على ترابه الطاهر، حيث وضح سموه أمرا هاما يجب وضع عدة خطوط تحته (أن أي مصنع يقوم بنشاط يضر بالبيئة سيتم التعامل معه من خلال النظام).. ولا أعتقد أن هنالك خلافا على أن هذا المصنع مضر بالبيئة وخطر على كل من يعيش حوله!!.
مع تقديم شديد اعتذاري ان كنت قد أثرت غضب بعض من أكن لهم كل ود واحترام عندما وضعت عدة مقترحات بعد رحيل المصنع في المقالة السابقة (سافكو..يات) فانني وبحذر شديد أقترح حلولا بديلة اخرى يمكن لمجلس ادارة الشركة تبني أحدها أو جميعها على الأقل للتكفير عن الذنوب التي ارتكبت بحق المجتمع وتحديدا جميع من تضرروا بملوثات هذه المنشأة الموبوءة، وان اتخذ المجلس قرارا جريئا مثل ذلك فيكون قد اختار المسلك الشجاع الذي انتهجه المهندس ألفرد بنهارد نوبل للتكفير عن اختراعه الشيطاني المطور (الديناميت) الذي كون على أثره ثروة هائلة وظف جزءا منها لخدمة البشرية في وصيته المشهورة التي كتبها في باريس وهو بكامل قواه العقلية في 27 نوفمبر 1895م، والتي أصبحت تعرف فيما بعد بجوائز نوبل الخمسة في الفيزياء، الكيمياء، الطب، الأدب، والسلام وتديرها مؤسسة نوبل التي تأسست في 29 نوفمبر 1900م، ومنحت أول جوائز لها في 10 ديسمبر 1901م لجين هنري دانتت من سويسرا وفريدرك باسي من فرنسا.
بعض هذه المقترحات: جائزة وطنية تمنح لأفراد أو مؤسسات تساهم في حماية البيئة، منح بحثية تخصص للدراسات ،والابحاث المتعلقة بالبيئة ومشاكل التلوث وحماية الانسان من المخاطر البيئية ، منح بحثية للدراسات الطبية لمعالجة آثار التلوث البيئي، دعم البرامج التوعوية في المحافظة على البيئة، ولضمان عدم التصرف بملكية أرض المصنع بعد رحيله النهائي والغير مأسوف عليه كتحويله الى مخططات استثمار صناعي آخر تكون عواقبه أكثر ضررا من الوضع الحالي، أو تحويله الى مجمعات تجارية نحن في حل من مشاكلها الاجتماعية ناهيك عن ملوثاتها السلوكية والسمعية، نقترح انشاء مستشفى تخصصي لأمراض الصدر والتنفس والربو على نفس الموقع الحالي.
وبعيدا عن الشبهات والاتهامات التي طالت جائزة نوبل ومن يديرها في كيفية منح بعض جوائزها وخاصة تلك المخصصة للسلام والتي منحت لمجرمي حرب ولاغراض سياسية بحتة بعيدة كل البعد عن الاخلاقيات والمثل الانسانية العليا (!!)، قد يكون من الأفضل للشركة أو للشركة الأم تقديم الدعم المادي لجهة مستقلة تماما عن الشركة يديرها مجلس استشاري يضم في عضويته اضافة الى المتخصصين بعض من تضرروا فعليا من مشاكل التلوث البيئي لضمان عدم تكرار هذة المآسي لاحقا!!. ولا أعتقد أن هنالك مشكلة تمويل للمشروع المقترح فأرباح الشركة في تزايد مستمر (باسم الله ما شاء الله) خلال السنة المالية الحالية بل طيلة سنوات تشغيل المصنع، ويمكن أن تساهم الشركة الأم في هذا المشروع الوطني الخير كونها حققت أرباحا خيالية تجاوزت الـ2.8 مليار ريال للعام 2002م وبزيادة تقدر بحوالي 60% عن السنة المالية السابقة في حين أن مبيعاتها حققت رقما قياسيا بلغ 34 مليار ريال. من مبدأ القول بأن الشركة الأم حرة في تصريف أرباحها كيفما اتفق لدرجة تخصيص مبلغ خيالي تجاوز الـ3 مليارات ريال فقط لتدريب موظفيها في عام 2002م (وآمل ان يكون جميعهم من أبناء الوطن!؟) عليه يمكن القول أيضا أن تخصيص مبلغ يوازي ربع الرقم السابق لانشاء المستشفى أعلاه لن يؤثر اطلاقا على خططها الطموحة جدا في تطوير كوادرها.ولكي لا يكون الأمر انتقائيا أو شخصيا لمصنع سافكو أو مجلس ادارته، فالمطلب ذاته يوجه الى العديد من الشركات والمصانع التي بات خطرها على البيئة لا يختلف عليه اثنان بما في ذلك بعض شركات الاسمنت التي حققت أرباحا خيالية على حساب بيئتنا وصحتنا!!.