DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

الديمقراطية بين الزعيم والحكومة

الديمقراطية بين الزعيم والحكومة

الديمقراطية بين الزعيم والحكومة
أخبار متعلقة
 
ليس هناك ما هو أفضل من حرب غير شعبية لتركيز الأنظار على فشل الديمقراطية القائمة على انتخاب زعيم بدلا من انتخاب حكومة. على امتداد حملة الرئيس الأمريكي جورج بوش لخوض الحرب ضد العراق، لم يلمس احد، جديا، المسألة المتعلقة بتكاليف وفوائد هذه الحرب، او من الرابحون ومن الخاسرون فيها؟ لا شك في ان العراق سيكون خاسرا. فآلاف العراقيين سوف يقتلون او يتشردون، من خلال الأثر المباشر للقوة العسكرية الأمريكية الهائلة. وسيكون هناك آلاف آخرون سيقتلون ويتشردون بتأثير الحرب الاهلية التي ستعقب الحرب الأمريكية. حيث ان الرأي العام الأمريكي يعارض ان تخوض الولايات المتحدة الحرب بصفة فردية، فان ادارة الرئيس بوش تعول على المصداقية البريطانية والدعم السياسي والدبلوماسي غير المحدود وغير المشروط الذي تقدمه بريطانيا. وعلى هذا الأساس، فالمسؤولية الاخلاقية عن الحرب والسلام، انما تقع على عاتق رئيس الوزراء البريطاني. من الواضح ان العراق يمتثل لقرار مجلس الامن الدولي رقم 1441. فالمفتشون يقومون بعملهم بفضل تعاون الحكومة العراقية. ويحظى التعاون العراقي مع الأمم المتحدة بدعم وتشجيع المجتمع العربي والاسلامي والدولي، فضلا عن ثلاثة من الاعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وفي حال قدم رئيس الوزراء البريطاني الدعم للحرب الأمريكية ضد العراق، فان بريطانيا ستكون، بدورها، خاسرا آخر، وذلك على اكثر من جبهة.. اذ ستخسر بريطانيا مصداقيتها بين العرب والمسلمين في مختلف ارجاء العالم، وسيجازف رئيس الوزراء بمواجهة الاتهام بتقديم دعم اعمى للرئيس الامربكي بصرف النظر عن المصالح الوطنية البريطانية. ولكن ماذا عن العرب انفسهم؟ الحرب سوف تضع حدا لما يسمى بـالانظمة العربية الصديقة للولايات المتحدة، سواء من خلال الانتفاضات الشعبية الداخلية، او من خلال الولايات المتحدة نفسها التي ستجد في نفسها الشجاعة الكافية بعد انتصارها على العراق، للقيام بعمل مماثل ضد هذه الانظمة. فهل ستؤدي الحرب الى تحقيق الاستقرار في المنطقة؟ الجواب، قطعا لا. فالفوضى والحروب الأهلية والمشردون ستكون هي القضايا اليومية في حياة المنطقة. العرب لن يستطيعوا تحمل قيام الولايات المتحدة بتخريب العراق وقتل آلاف الأبرياء من ابنائه. كما انهم سيعارضون الدعم الامريكي المتواصل للجرائم الاسرائيلية ضد الفلسطينيين. والسؤال هنا هو: هل تعتقد ادارة الرئيس بوش حقا انها تستطيع ان تفوز في حرب موجهة ضد العرب والمسلمين؟ في الواقع، ان حربا ضد العراق ولزعزعة الاستقرار في المنطقة سوف تكون بمثابة ضغط على زر التدمير الذاتي بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية. ففي الوضع الراهن يواجه الامريكيون الخطر في كل مكان في العالم. وربما كان من الجائز القول ان جدران الاسمنت المسلح التي تحمي السفارة الأمريكية في لندن تقدم، في حد ذاتها، مؤشرا واضحا على فشل السياسة الخارجية الأمريكية. بدعمه للحرب الأمريكية ضد العراق، يقال ان رئيس الوزراء البريطاني يستخدم امتيازا ملكيا يعطيه السلطة المطلقة للأخذ ببريطانيا الى الحرب. والغرض من هذا الامتياز هو حماية النفوذ الخارجي لبريطانيا. والافتراض السائد هو ان حربا من اجل هذا الغرض عادلة ومقبولة شعبيا. ولكن المأزق الناجم عن الحرب ضد العراق تحديدا، هو ان اغلبية الرأي العام البريطاني تعارضها. وهناك عدد كبير من نواب البرلمان يعارضونها أيضا. كما تعارضها أغلبية اعضاء حزب العمال البريطاني الحاكم. ولهذا السبب يرفض رئيس الوزراء مناقشة المسألة في مجلس العموم. وليس هناك ما هو أفضل من حرب غير شعبية لتركيز الانظار على فشل الديمقراطية القائمة على انتخاب زعيم بدلا من انتخاب حكومة. فاذا كان الامتياز الملكي قد اعطي لرئيس الوزراء للذهاب الى الحرب لحماية المصالح البريطانية فان الادلة الراهنة تشير الى ان هذه الحرب ستكون ضارة بالمصالح البريطانية، كما انها لن تعزز من مكانة رئيس الوزراء. فهل أسيء استخدام الديمقراطية او الامتياز الملكي؟ هذا السؤال هو واحد من الأسئلة التي يحتاج الناخبون البريطانيون للبحث عن جواب لها في الانتخابات العامة المقبلة. ولكي يترك الامريكيون بصمات سلام، ربما توجب عليهم مواجهة الأسئلة نفسها في الانتخابات العامة المقبلة أيضا. فما الفوائد ومن المستفيدون من الحرب؟ اذا استمر التوجه الشعبي الراهن المناهض للحرب، فان رئيس الوزراء البريطاني سوف يضع مصداقيته السياسية على خط المواجهة، وربما لن يتمكن حزب العمال من الفوز في انتخابات أخرى. وفي عالم يجري التحكم في احتياطاته من النفط والغاز، فان الولايات المتحدة تغامر بخوض مواجهة مع العالم. وهنا أيضا لن يكون هناك رابحون، بل خاسرون فقط. ويعني ذلك كله ان الفائز الوحيد سيكون الرئيس بوش. في أفضل الأحوال، فان الحرب سوف تبقي الرئيس في منصبه لاربع سنوات أخرى. فهل تستحق دورة أخرى في منصب الرئاسة ثمنا كهذا حيث يجري التسبب في قتل آلاف الأبرياء، وتدمير وحدة وسيادة بلد، كان واحدا من الأعضاء المؤسسين للامم المتحدة، وزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها وربما العالم بأسره، لتحرض على شائعة الكراهية الدينية بين المسلمين والمسيحيين، ووضع الشرق في مواجهة الغرب في إطار صراع حضارات في نفس الوقت الذي يحتاج فيه العالم الى بعضه البعض. ولكن ما الرسالة التي تقدمها هذه الحرب الى بقية العالم؟ الرسالة تقول: اذا لم تكن لديكم أسلحة نووية فان الولايات المتحدة سوف تستهدفكم. الامر الذي من شأنه ان يدفع في اتجاه سباق نووي جديد لجميع الدول التي تبحث عن سبيل للدفاع عن نفسها وكرامتها وسيادتها. وفي سباق كهذا فان الجميع سيخرج خاسرا. ابتداء من سياسة صفع العراق، فان التاريخ سوف يقضي بان ثمن الحرب كان لا يستحق عناءه، خاصة ان ثمن السلام موجود هناك ليوفر الفائدة للجميع. * عضو المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية