بدأ حجاج بيت الله الحرام بعد زوال شمس يوم أمس وبعد أداء شعيرة رمي الجمرات في ظل تنظيم جيد وجهود مكثفة لتأمين سلامتهم مغادرة مكة عائدين إلى ديارهم بعد إنتهاء أعمال الحج .
واستقبل حجاج بيت الله الحرام البالغ عددهم أكثر من مليوني حاج أمس على صعيد منى مستبشرين بما من الله عليهم من أداء مناسكهم بأمن وسلام وما أنعم عليهم من حج بيته العتيق برمي الجمرات.
ويشرع للحجاج أداء هذه الشعيرة حتى الليل ويقومون برمي سبع حصيات في كل جمرة تبدأ بالجمرة الصغرى ثم الوسطى فجمرة العقبة الكبرى اقتداء بسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وترمز هذه الشعيرة الى انتصار المسلم على الشيطان ووساوسه والى العبودية الخالصة لله وحده.
ويجوز للحاج أن يرمي الجمرات بعد غروب الشمس وحتى فجر اليوم الثاني طوال أيام التشريق إذا لم يتيسر له ذلك على الصحيح لكن السنة أن يكون الرمي بعد الزوال الى ما قبل الغروب.
ويمكث الحجاج بصعيد منى الطاهر طوال أيام التشريق الثلاثة لكي يستكملوا شعيرة رمي الجمرات ويجوز للمتعجلين منهم أن يكتفوا بيومين مصداقا لقوله تعالى (واذكروا الله في أيام معدودات فمن تعجل في يومين فلا اثم عليه ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى).
ونظرا لان شعيرة الرجم هي أخر مناسك الحج فان أعدادا كبيرة من الحجاج المتعجلين بدأوا بعد إتمام رمي الجمرات مغادرة منى قاصدين البيت الحرام لاداء طواف الوداع ليشرعوا في رحلة العودة الى أوطانهم شاكرين الله أن من عليهم بأداء الركن الخامس من اركان الاسلام. وكان 14 حاجا قد لقوا مصرعهم بسبب الكثافة الهائلة والزحام الشديد في مشعر منى أثناء عودة الحجاج الى مساكنهم بعد اداء نسك رجم جمرة العقبة وقابلهم في الاتجاه المعاكس حجاج اخرون قادمون من مزدلفة في اتجاه جمرة العقبة مما ادى الى التزاحم وسقوط بعضهم على الارض 0
وعزت السلطات السعودية هذا الحادث الأليم الى تسرع الحجاج وعدم الالتزام بالتعليمات الموضوعة لتفويج الحجاج في نسك الرجم رغم افساح الشوارع للمشاه فقط ولا يسمح باستخدام السيارات. واستمر أداء شعيرة رمي الجمرات أمس بطريقة سلسة خاصة بعد استكمال عمليات تحسين جسر الجمرات واتباع نظام التفويج الذي بدأت السلطات السعودية تنفيذه قبل عامين بهدف التحكم في أعداد الحجاج وفق جدول منظم. يذكر ان جسر الجمرات شهد عام 1996 إتمام عملية مضاعفة عرضه من40 مترا الى80 مترا مع إضافة منحدرين جديدين لتسهيل عملية دخول وخروج الحجاج لاداء منسك الرجم وتركيب وسادات هوائية فوق الجسر بهدف حماية الحجيج أثناء التزاحم وتأمين كميات اضافية من الهواء تجنبا لحدوث حالات اختناق0
ويقع جسر الجمرات في الجزء الغربي من منطقة منى في الاتجاه الى مكة المكرمة ويمتد من الشرق الى الغرب بطول يقدر بحوالي كيلو متر واحد ويبلغ عرض كل من منحدر الصعود الشرقي ومنحدر النزول الغربي حوالي 45 مترا أما منطقة وسط الجسر فيتراوح عرضها بين 80 الى 85 مترا وتقدر المسافة بين الجمرة الصغرى والجمرة الوسطى بحوالي 140 مترا.
فيما تقدر المسافة بين الجمرة الوسطى وجمرة العقبة بحوالي 240 مترا أما المسافة من جمرة العقبة الى منحدر النزول الغربي باتجاه مكة المكرمة فتقدر بحوالي 260 مترا. ويقدر القطر الدائري للجمرات بحوالي 15 مترا ووضع على جانبي الجسر وبمحاذاة الجمرة الصغرى مخرجان للطواريء عرض كل واحد منهما أربعة أمتار.
ويضم الجسر مباني للخدمات الطبية والاسعافية العاجلة وهي موزعة على جانبي الجسر وتحتوي على مخارج اضافية للطواريء وتتوافر في الجسر صنابير للمياه المبردة في منطقة أعلى الجسر وهي على الجانبين بين الجمرات لسقيا الحجاج.
ووضعت لوحات ارشادية ومكبرات صوت في كافة أنحاء منطقة الجسر وعلى مداخله توضح الاتجاهات والمسميات وأماكن السماح بالدخول أو منع الدخول الى الجمرات.
ويتوسط جسر الجمرات برج للمراقبة مكون من عدة أدوار الى جانب العديد من الشاشات المرتبطة بكاميرات تصوير موزعة على الجمرات وكافة المداخل والمخارج في أعلى الجسر واسفله ويمكن بواسطتها نقل صور حية للمختصين في غرفة المراقبة للمتابعة واصدار التعليمات والتوجيهات اللازمة.
وبدت منى مدينة متكاملة الخدمات تعج بالكثافة الهائلة للحجاج وحشدت السلطات السعودية جيشا من رجال الأمن والمرور والقائمين على خدمة ضيوف الرحمن لتسهيل حركتهم وتأمين سلامتهم وتوفير كافة متطلباتهم لتمكينهم من أداء شعيرة الرجم بأيسر الطرق.
وتوفرت بمنى كافة الاحتياجات للحجاج من مواد غذائية ومياه وخدمات صحية واتصالات هاتفية وكهرباء واحتياطات محكمة للدفاع المدني وخدمات النظافة مما يحتاجه الحجاج.
وتقع منى التي اصبحت مدينة حضارية متكاملة في بقعة محدودة في واد ضيق محصور بين جبلين اذ تبلغ المساحة الاجمالية لمنى 6 ملايين متر مربع تشكل الجبال منها مليوني متر مربع. وينعم الحجاج خلال موسم حج هذا العام بالاعتدال النسبي الكبير في درجة الحرارة بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة حيث تعيش المناطق المقدسة أجواء معتدلة نسبيا نظرا لان موسم الحج هذا العام يقع في فصل الشتاء.
وتتراوح درجات الحرارة العظمى في منى وعرفات ومكة المكرمة بين 25 و27 درجة فيما تتراوح درجة الحرارة الصغرى بين 20 و 22 درجة وهي درجات معتدلة تبعد الحجاج عن مخاطر ضربات الشمس الحارقة التي كانت تمثل واحدة من أكبر الهواجس الصحية خلال الحج.
ويتابع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس الحرس الوطني الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وكبار المسئولين السعوديين من منى مباشرة الخدمات المعدة للحجاج.