تطرح سيرة عبدالمحسن عبدالعزيز الحكير السؤال مجددا: هل يعتمد رجل الأعمال ـ في كل أعماله ـ على الدراسة المستفيضة للمشاريع والتحديد المسبق للأهداف أم يترك هامشا مناسبا للطارىء والجديد ويعطي مجالا لقوة الملاحظة والقدرة على التجديد واستيعاب الأفكار الجديدة ومواكبة احتياجات النمو الاقتصادي؟
والصحيح ان على رجل الأعمال ان يمزج بين الأسلوبين ويجمع بين الطريقتين وهذا بالضبط ما فعله عبدالمحسن الحكير.
في البديعة ولد عبدالمحسن الحكير وفي الرياض درس المرحلتين الابتدائية والثانوية وعمل مع والده وعمه في تجارة المعدات الزراعية منذ صباه الباكر, فكان تلميذا في الصباح وتاجرا بعد الظهر.
كان والده وعمه من أوائل التجار الذين استوردوا المعدات الزراعية من الهند ثم تحول الى تجارة الأدوات الكهربائية والملابس. وكان توزيع المحلات يمتد الى المنطقة الوسطى والقصيم والمنطقة الشمالية والمنطقة الشرقية وكان البائع والمشتري يتعاملان بالصدق وكان الربح كبيرا بحكم المنافسة المحدودة وقلة عدد المحلات.
كان والده يصطحبه معه الى سوريا ولبنان لاتمام صفقات استيراد الملابس وكان والده يتفق على الصفقة ثم يتولى هو اتمامها منفردا ثم بدأ والده ـ بعد ذلك ـ استيراد الملابس من فرنسا وإيطاليا ثم من شرق آسيا.
عمل أبوه وعمه في تجارة العقار ثم اتجها الى الاستثمار في مجال الصناعة وكانت صناعة الثلج هي البداية للاستثمار للاقبال الكبير عليها في ذلك الوقت ثم اتجها الى صناعة البلاستيك ولم تكن (سابك) بدأت انتاجها في ذلك الوقت. وأقاما مصنعين بالرياض وآخرين في جدة والجبيل وتم تصدير انتاج هذه المصانع الى دول الخليج وبعض البلدان العربية والولايات المتحدة الأمريكية, فقد كان البلاستيك هو مادة العصر التي تدخل في صناعات كثيرة.
اتجه عبدالمحسن الحكير ـ بعد ذلك ـ الى السياحة بعد ان رأى خلال اسفاره اقبال السعوديين والخليجيين على مدن الألعاب الترفيهية, فأقام اول مدينة ألعاب بالرياض على مساحة (20) ألف متر مربع. ثم أقام 27 مدينة ألعاب بالرياض وجدة والدمام وعددا من المدن السعودية وفي الإمارات والكويت وقطر وعمان وتونس والمغرب ولبنان, وأقام مصنعا للألعاب في أيطاليا وآخر للتجميع في جدة وثالثا للألعاب في الرياض.
بعد ذلك قام ببناء (الاندلسيات) وهي فنادق الأسرة السعودية وعبارة عن عمارات على شكل شقق مفروشة وهي تمتد من الرياض الى جدة الى الطائف وأبها والمنطقة الشرقية وعدد كبير من مدن المملكة ثم أقام عشرات المطاعم في مختلف مدن المملكة وعمل رئيسا للجنة الوطنية للسياحة بمجلس الغرف السعودية.
وعن استفادته من ممارسة العمل التجاري منذ صغره يرى ان العمل التجاري هو المدرسة التي دخلها كما دخلها كل اخوانه وأولاده واكتسب منها مهارات متعددة وتعلم فيها كيف يكتسب ثقة الناس وكيف يجيد فنون البيع وأساليب الشراء وكان المشتري يثق دائما فيما يقوله له وكان يشعر بانه كسب شيئا ولا بد ان يكون هذا الكسب حقيقيا وواقعيا ومعقولا.
وعن دور الصدفة في حياته يرى ان الأفكار والمشروعات لا تقوم على الصدفة ولكن على رجل الأعمال ان يكون قوي الملاحظة واسع التجربة مستجيبا للمتغيرات الاقتصادية واتجاهات النمو الاقتصادي وان يخطط قبل التحرك وان يعرف جيدا ماذا سيفعل ومتى وان يترك هامشا لأي طارىء وأي جديد فهذه الأشياء الطارئة والجديدة هي التي تصنع النقلات الكبيرة والتطورات الهائلة او ما يسمى بالفرص بالتي يجدها لرجل الأعمال أمامه من غير ميعاد او اتفاق.
ويرى ان الإدارة الناجحة هي الإدارة التي تؤمن بالدراسة المستفيضفة لأي مشروع وتتعرف جيدا على احتياجات السوق المحلي والإقليمي والعالمي وتختار الأشخاص المناسبين للإدارة وتعطيهم الثقة الكاملة للانطلاق في العمل ويكون المديرون جزءا من أفكار وطموحات صاحب العمل.
ويؤمن ان السياحة هي صناعة الصناعات, فهي فنادق ومواصلات وطرق وطائرات وسكك حديدية ومطارات وسلع وخدمات ومصارف وهواتف وزراعة وصناعة واتصالات ومستوصفات علاجية وأبعاد ثقافية واجتماعية ووطنية.
ويرى ان عددا كبيرا من مدن المملكة يملك مقومات الجذب السياحي, فهناك عسير بجبالها وسهولا ومتنزهاتها والطائف والباحة بالمصايف الجميلة والهواء العليل وجدة هذا المشتى الرائع ببحرها وسواحلها وشواطئها والجوف بجوها الصيفي ووديانها الخضراء والقصيم بالمناطق الزراعية الشاشعة والمنطقة الشرقية بخليجها وشواطئها وكورنيشها ومنشآتها الحديثة.
ويرى ان المنطقة الشرقية ذات امكانات سياحية جاذبة في كثير من أوقات السنة وهي تحتاج الى التوسع في انشاء قرى سياحية على الشاطىء ومدن ألعاب ترفيهية ومرافىء لتأجير الزوارق وبواخر صغيرة ومتوسطة واعداد خطط موسمية قبل مواسم الاجازات والإعلان عنها وطبع كتيبات تتضمن هذه البرامج وتكون متاحة في أماكن كثيرة واعداد استبانة لتوزيعها على الزائرين والتعرف على متطلباتهم واقامة مهرجان خلال اجازة نصف العام يتضمن فولكلورا شعبيا.
ومقابلات ومسابقة لصيد السمك وسباقا للقوارب وألعابا نارية وسابقا للعدو وسباقا للمعوقين ومسابقة لرسوم الأطفال وسوقا شعبية ومسابقات ثقافية.
ويرى ان السياحة هي المقابل الوطني للسفر الى الخارج والاهتمام بها سيعود مردوده على الاقتصاد الوطني فمن الناحية المادية سينفق المواطنون في الداخل ما ينفقونه في الخارج مما يعني مزيدا من التنمية والمشروعات وفرص العمل ومن الناحية المعنوية يزداد الارتباط بالوطن ومعرفة تاريخية وحاضره والمحافظة على التقاليد ودعم الأسرة السعودية ومن ثم فهو يدعو رجال الأعمال الى الاقبال على اقامة المشروعات الكبيرة والمشتركة في مجال السياحة.