اذا استمر حال ملاعبنا على ما هو عليه بلا جمهور يشجع ويؤازر فريقه ويصفق لنجومه، فان كرتنا ستدفع ثمنا اكثر مما دفعته حتى الآن. فكيف يبدع اللاعب وهو يلعب بمعزل عن الجماهير التي تشعل الحماس وتحول المباراة الى منافسة مثيرة عكس المباريات التي نتابعها الآن.. والذي حضر المباريات التي كانت تقام قبل عشرين سنة يعرف كيف كانت مدرجات ملاعبنا تكتظ بالجماهير التي تحضر قبل المباراة بوقت طويل, مع ان حال الناس آنذاك أقل من حالهم الآن, ولم يكن يملك سيارة إلا بعض الميسورين, ومع ذلك يتصادم الناس ويتسابقون بالقرب من شباك التذاكر.. اما الآن فهناك جوائز وهناك دلال ومواقف للسيارات وبوفيهات ومع كل ذلك مدرجاتنا خالية ومبارياتنا تقام كما لو كانت تقام في محاجر صحية وليست ملاعب لكرة القدم تعج بالحياة والتنافس والإثارة.
قد يكون لكثير من الرياضيين آراؤهم حول هذا العزوف لكنني اعتقد ان مرض النقل التلفزيوني هو الذي ساهم في هذا الغياب فالرياضي لا يجد ما يدفعه للتوجه للملاعب طالما ان لديه أكثر من خيار للمتابعة التلفزيونية حيث يستمتع بالراحة وبالإعادة البطيئة والتحليلات وأمامه براد شاي ويتناول العشاء بين الشوطين. وامام كل هذه المغريات ما الذي يدفعه للذهاب الى الملعب والتشجيع؟!
لقد طرحنا قبل سنوات فكرة حجب النقل التلفزيوني المباشر للمنطقة التي تقام فيها المباراة كعدم نقلها لمنطقة الرياض اذا كانت المباراة تقام هناك بينما تنقل للمناطق الأخرى او تأخير نقلها لمدة نصف ساعة او ساعة كاملة بعد بدايتها بحيث نشجع الجماهير على الذهاب للملاعب ولا نحرم العائلات او ذوي الاحتياجات الخاصة من المتابعة كما لا نضيع المردود المادي للنقل من اعلانات او بدلات للأندية ومع ان طرحنا هذا مضى عليه أكثر من ست او سبع سنوات دون ان يجد من يؤيده فانني اعود لطرحه من جديد فالمباريات بلا جمهور كمجرى لنهر بلا مياه لا حياة فيه.
ان استمرار النقل التلفزيوني بهذا الشكل فيه مضرة للكرة السعودية أكثر من المنفعة والمردود المادي الذي تحتاجه الرياضة سندفع مقابله تدهورا في المستوى الفني الذي لا يمكن ان يتطور في ظل غياب جماهيري مخيف واذا كان طرحي غير مناسب في نظر البعض فانني اتمنى ان نرى أفكارا واطروحات بديلة لحل مشكلة العزوف الجماهيري الذي كانت تعانيه ملاعب الشرقية فاذا به ينتقل الى الرياض وربما الى جدة.
ولكم تحياتي.