كنت أعلم منذ البدء ان هذا (الدبق) سوف ينتهي وأن بداية.. (الشعوذة الشعبية).. والكتابة بالعامية وطرق الأبواب المغلقة بالأحذية.. ومواصلة (الردح) من البلكون ستترك بكل تأكيد آثاراً مدمرة وكنت أؤمن بأن بعض الناشرين لا يقومون بتلك الأعمال الهزلية بالصدفة .. أنهم واثقون أنها الوسيلة المثلى لجذب القارىء بهذه الطرق البهلوانية.. ومن عري الشارع انطلقت مجموعة من الاقلام تكتب بالعامية لافساد وجه اللغة العربية وأناقتها وتراثها .. وبدأ هذا الزيف ينتشر كالوباء المرسل في صحفنا وأعلنت يومها وبطريقة جادة.. أن هذه الاقلام والمتحمسين لها أغبياء إلى حد كبير .. كأولئك الذين تحمسوا لتلك الأغاني الشبابية النشاز والقافزة والتي بلا طعم ولا معنى ولا ذوق .. ورغم الأمتداد الساحق لكلتا الحالتين من الغناء والكلام.. إلا أن صحوة مباغتة قد حدثت وبدأت أصوات عديدة.. تناهض وتشجب الكتابة بالعامية التي يمارسها البعض باصابع قديمة دون أن يستعمل عقله. .. لقد سقطت (أم سعدية) من بلكون الردح والشتائم وعادت الأمور في الشارع العام إلى نقائها وصفائها.. بعد أن أزيلت القذارة.. والسباب والزبالة من عيون الناس ـ آمل هذا .
..ولكن لا أحد سوف يصدقني بأن التلوث قد زال مادامت تلك الطريقة الهمجية في معالجة الأمور تستهوي الناشرين وبأسلوبها العامي الفج ..ان الناس بدأت تقرأ بعقولها وتسمع بقلوبها لا سيما في مجتمع واعٍ ومدرك لأهمية تلك الأسس القوية والثابتة في مبادىء امتنا وأخلاقها.. ان المجتمعات التي تحاول أن تتحضر ترتفع دوماً بلغتها وأسلوبها وتعاملها في معالجة العديد من قضاياها.
والفرق بكل تأكيد شاسع وكبير بين من يكتب بلغة راقية نقداً هادفاً من أجل مصلحة الناس وبين من يستخدم العامية في نقده فيتحول النقد هنا إلى ردح لاستخدامه السيىء من لغة الشارع .. برغم أن الهدف غالباً بين الطريقتين واحد .. فالكل بكل تأكيد يقصد الاصلاح.. ولكن الأسلوب يختلف ..
..بقي ما اود أن أشير إليه : هل أدركتم الآن أنني من أنصار الفصحى ـ والخليل بن أحمد وذويه وأن ما كتبته قبل أيام تحت عنوان ـ العامية والناس ـ ليس هو انتصار لتفشي العامية واتساعها في الصحف ولكن الناس ـ تريد ذلك ـ فماذا يفعل الناشر وماذا يمكن أن أقول (أنا) ولا أزيد .