عزيزتي الأم: هل فكرت في يوم من الأيام من هو الشخص الذي من الممكن أن يكون قدوة لابنك؟! من الشخصية التي ستؤثر في عقل طفلك ونفسه بحيث تجعله يرقى ويسمو؟ قد يكون سوبرمان،أو زورو أو البوكيمون أو حتى أبطال الديجيتال. فماذا جنينا من تلك الشخصيات! هل خطر في بالك يوماً أن يكون الصحابة أو القادة قدوات لابنائك؟!!! هل يمكن أن تحل شخصيات إسلامية مثل عمر بن عبد العزيز وكبار العلماء المسلمين محل بات مان والسوبرمان وأبطال الديجيتال في نفوس وعقول أبنائنا؟ قد تقولين عزيزتي الأم أن هذا مستحيل. ولكن مع الإرادة لا شيء مستحيل. أن الأبناء عندما يعيشون في أجواء الصالحين سيكبرون وهم يحملون همهم وطموحاتهم وأحلامهم. فلماذا لا نربي أطفالنا على سير أولئك العظماء الذين كان لهم شأن كبير في أنفسهم وفي أمتهم. فبدلاً من أن يربى الطفل على تلك الأفلام الكرتونية التي تبث له عبر القنوات الفضائية والتي لا يوجد فيها سوى العنف، وبث الكراهية، وتعليم الأطفال بعض السلوكيات اللاخلاقية، بالإضافة إلى التشكيك في الكثير من المسلمات الأساسية لدى الطفل، والتي نشأ وترعرع عليها. يربى على سير الصحابة والعظماء والقادة، ويكون ذلك عن طريق شراء بعض الأفلام الخاصة بالطفل، التي تحكي عن الشخصية التي نريد طفلنا أن يقتدي بها، ثم أن الطفل في سن معينة، خاصة في سن الطفولة المبكرة، يحب اللعب، وهي من متطلبات هذه المرحلة، وهناك تصنيفات عدة للعب، فمنها الحركي، ومنها الثقافي، ومنها التمثيلي، أو لعب الأدوار، فالطفل يحاول أن يقلد الآخرين ويتقمص أدوارهم وشخصياتهم، فإذا ما حاولنا توجيه نظر الطفل إلى شخصية من الشخصيات، وجعلناه يتقمص دورها، فإنه بالتالي سوف يحذو حذوها مستقبلاً حتى اننا بالإمكان تعديل سلوكيات الأطفال وغرس الكثير من المبادئ والقيم من خلال تقمصهم لهذه الشخصية. فعندما يقرأ الطفل ويشاهد مثلاً سيرة عمر بن عبد العزيز، أو خالد بن الوليد وغيرهما فكم من التأثير الذي من الممكن أن تحدثه تلك القصة في نفوسهم، خاصة وأن الطفل يتشوق كثيراً إذا عرف أن هذه القصة حقيقية، وأنها وقعت بالفعل في الماضي. لقد مللنا من الأفلام المستوردة الخاصة بالأطفال، التي غالباً ما تدور حول شخصيات وأحداث بعيدة كل البعد عن تراثنا وقيمنا. لقد آن الأوان لأن نعطي تاريخنا حقه، ونستلهم من جوانبه المشرقة ما يعيننا على تربية ابنائنا من خلال البحث عن سيرة العلماء والعظماء من الرجال والنساء، الذين كانت لهم بصمة واضحة على مجتمعاتهم في عصرهم، وامتدت آثارهم كذلك إلى العصور اللاحقة. لقد حان الوقت لنبرز مناقبهم وأفعالهم بطريقة مبسطة وسهلة وميسرة ومحببة وفي نفس الوقت ممتعة يطرب لسماعها أطفالنا، ويستمتعون بها، فهؤلاء هم الأبطال الحقيقيون الذين نرغب في أن يتأثر بهم أطفالنا. وهناك الكثير من المبادرات من الأمهات، ممن يحاولن إعادة الماضي التليد بأمجاده إلى الحاضر بإشراقاته، فكانت تلك الأم تحكى القصة لأطفالنا، ثم بعد ذلك تجعل أولئك الأطفال يتقمصون تلك الشخصيات بجميع أشكالها، عن طريق التمثيل، حيث يلبس الأطفال الملابس الخاصة بتلك الشخصية لتساعدهم على تقمص الشخصية ولزيادة الارتباط بها، ويأخذون موقفاً من المواقف الخاصة بتلك الشخصية، بحيث تتم صياغته بصورة سهلة، بحيث يستطيع الطفل حفظه وتطبيقه على الواقع أمام زملائه. كم تكون سعادة الطفل كبيرة، وهو يمثل شخصية عظيمة من عظماء تاريخ أمته المجيدة، وكم سيكون الارتباط بها، وكم مقدار التأثر الذي سوف يجنيه أطفالنا من سيرة تلك الشخصية، وكم سيكون أعتزاز أطفالنا بتاريخ أمجاد أمتهم، مما يكون له أكبر الأثر في نبذ ما سواه وفي التمسك به في شئون حياتهم كلها. جوهرة الصقر