فيما تمارس الادارة الامريكية الضغط على مجلس الامن الدولي وتتحرك قدما بحسم من خلال حشد قواتها للاطاحة بنظام الحكم العراقي يجد صدام حسين نفسه بدون استراتيجية واضحة. ويقول دبلوماسي غربي في القاهرة إن هدفه الوحيد هو النجاة والبقاء في السلطة وهذا هو السبب في أنه يتجاوب بسلبية بدلا من التجاوب بإيجابية.
ويقول الدبلوماسي الغربي إنه يتجاوب بسلبية تجاه حشد القوات الامريكية الذي يجري في المنطقة وتجاه مطالب الامم المتحدة. ويضيف الدبلوماسي لكن ليس لديه خطة ملموسة يمكن في نهاية الامر أن تنقذه من المأزق الذي يواجهه، ولهذا السبب فإنه غير قادر على اتخاذ أية قرارات جذرية، مثل التعاون بدون تحفظ مع مفتشي الاسلحة على سبيل المثال. ولم يفعل الرئيس العراقي واتباعه شيئا سوى الاستسلام للاحداث وإعداد أنفسهم نفسيا لغزو بقيادة الولايات المتحدة خلال الاسابيع القادمة. لكنهم الآن بدأوا يستعيدون الامل إلى حد ما بأنه بوسعهم تجنب الحرب بتقديم تنازلات هنا وهناك لمفتشي الاسلحة أو بالحد من دعايتهم المضادة للولايات المتحدة.
وقد استعاد صدام طوقا جديدا للنجاة في أعقاب الزيارة التي قام بها مبعوث البابا للعراق ووصول عدد من المتظاهرين الاجانب الداعين للسلام وكذلك وصول ما يسمى بـ (الدروع البشرية) ونتيجة للمظاهرات الجماهيرية التي قام بها الملايين من نشطاء السلام في جميع أنحاء العالم في نهاية الاسبوع الماضي. ونقلت الصحف العراقية عن صدام تقديره الكبير للمواقف الانسانية التي تم التعبير عنها في هذه المظاهرات وأعرب عن أمله في أن تسهم في تحقيق السلام على أساس العدل.
ويعتقد المراقبون العرب أن رجل العراق القوي من الممكن أن يكون قد أساء فهم الرسالة الواردة من ملايين المتظاهرين الذين يحتجون ضد نشوب حرب جديدة في الخليج واعتبارها بمثابة تأييد لنفسه ولزمرته فوق نهر دجلة. وهذه هي الطريقة التي عرض بها التليفزيون العراقي الرسمي الصورالدراماتيكية للمسيرات.
كما أن العراقيين يشعرون بالسعادة إزاء حالة الاختلاف الراهنة داخل الجامعة العربية. وقد أصبح لهؤلاء الذين يعارضون الحرب في الجامعة العربية التي تضم 22 دولة اليد العليا الآن، على الرغم من أن الجامعة دعت قبل شهور قليلة فقط العراق إلى تقديم تنازلات إلى الامم المتحدة على وجه السرعة. وفي ختام اجتماع عاصف لوزراء الخارجية العرب عقد الاحد الماضي دفعت دول مثل لبنان وسوريا ببيان يتضمن فقرة تحظر على الدول الاعضاء في الجامعة العربية مساندة أي هجوم على العراق. وهذا البيان هو مجرد بيان ولن يتم فرض أية عقوبات على تلك الدول التي ستتجاهله، مثل استبعادها من الجامعة، لكن الوفد الكويتي رأى نفسه مضطرا لمغادرة قاعة الاجتماعات. وعلى النقيض من ذلك أوضح مندوب العراق لدى الجامعة بالقاهرة محسن خليل رضاه قائلا في ختام اجتماع وزراء الخارجية أن الاجتماع بعث بـ(رسالة قوية).