عزيزي رئيس التحرير..
ارجوا أن يتسع صدر صفحتنا الحبيبة لهذه المشاركة.. ولكم تقديرنا
تروي لنا كتب التاريخ أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان يتجول في شوارع المدينة ليلاً وإذ بصوت ينبعث من أحد البيوت بين امرأة وابنتها الأم تقول لابنتها امزجي اللبن بالماء وترد البنت الصالحة يا أماه ان أمير المؤمنين منع أن نمزج اللبن بالماء فقالت الأم وهل عمر يرانا فقال الفتاة التقية الصالحة يا أماه إذا كان عمر لا يرانا فرب عمر يرانا. انها عبارة تبين مدى قوة الايمان ومدى الخوف من الله في قلب هذه الفتاة التي منعت أمها من الغش فما دام أمير المؤمنين عمر منع مزج اللبن بالماء فكيف تتجرأ هذه الأم بالمخالفة وتأمر ابنتها بذلك.. أسوق هذه القصة ويا ليت السماسرة في سوق الحراج وفي حراج السيارات يتذكرون عبارة بائعة اللبن يا ليت بائعي الخضراوات يتذكرون تلك العبارة فلا يغشون المسلمين في بيعهم وشرائهم يا ليت الطلاب في صالات الامتحانات يتذكرون عبارة بائعة اللبن ويا ليت كل إنسان اتخذ الغش وسيلة للحيلولة على عباد الله يتذكر تلك المقولة العظيمة (إذا كان عمر لا يرانا فرب عمر يرانا). فما أحوجنا إلي استحصار عظمة الله في كل شيء. فمن في قلبه إيمان لو تذكر عظمة الله وأن الله مطلع عليه لو تذكر قول الرسول صلى الله عليه وسلم * من غشنا فليس منا* أيقدم على الغش بجميع صوره وهل يرضى بأن يخدع أخاه المسلم. لك أن تتخيل لو أن شخصاً غشك في بضاعة أو شراء سيارة أو حتى فاكهة الا تغضب إذا فكيف ترضى بأن تغش المسلمين والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)) فما دمت لا ترضى أن تغش فكيف ترضى أن تغش. فإذا كنت تحب الخير لنفسك فأحبه لغيرك لا يكون العكس تحب الخير نفسك والشر لغيرك. إذا كنت كذلك فإن إيمانك فيه خلل ويحتاج إلي إصلاح والرسول صلى الله عليه وسلم نفى الإيمان عن الذي يحب الخير لنفسه والشر لغيره (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) فانتبه يا من تغش واحذر. فالخداع والغش من صفات المنافقين والعياذ بالله فلا تتشبه أخي المسلم بهؤلاء الذين توعدهم الله بالدرك الأسفل من النار. وأخيراً ماذا فعل أمير المؤمنين لما أعجب بصنع ابنة بائعة اللبن لقد خطبها لابنه عاصم فتزوجها وأنجبت بنتا فتزوجها عبد العزيز بن مروان وأنجبت عمر بن عبد العزيز الذي كاد يكون الخليفة الخامس بعد الخلفاء الراشدين بسبب زهده وتقواه. فهذا شعور امرأة مسلمة تخاف الله لم ترض بالغش أو مخالفة ولي أمرها بل كافأها ولي أمرها بأن زوجها ابنه ويا ليت شعور هذه المرأة الصالحة يشعر به السماسرة في معارض السيارات وفي أسواق الحراج وفي محلات بيع الخضار والفواكه عسى أن يتحقق ذلك اللهم .
سعد صالح الغريب- الأحساء
