كل الناس يرغبون في العمل لدى الدولة..قبل الغوص في ايجاد الحلول لمشكلة البطالة المقنعة والتي هي موجودة فعليا كمرض متفش في جميع مؤسسات وشركات القطاع العام. ويجب ان تدرس وتعالج على هذا الاساس وليس على اساس انها ظاهرة بيروقراطية تعالج بالشعارات.
لابد لنا من البحث في جذور المشكلة وتحليل اسبابها بعلمية فإن علمت الاسباب هان على المشرع وصاحب القرار اصدار قراراته على ارض الواقع.
ومشكلة البطالة المقنعة بحسب خبرتي في القطاع الخاص والمشترك والعام تتلاقى فيها العوامل الشخصية والامور الادارية والتنظيمية للمؤسسات والشركات صعودا الى سياسات الدولة فيما يتعلق بأنظمة وقوانين العمل ( التسريح او الاستيعاب او المعاشات.) مرورا بالنقابات العمالية.
واذا توخينا الدقة في البحث عن جذور المشكلة وليس الحديث عن العموميات نستطيع ان نرصد عددا من النقاط اثرت ولا تزال تؤثر بشكل متزايد في تكريس البطالة المقنعة منها:
- الوساطات: لا اعتقد انه يمر يوم على مدير او مدير عام او وزير إلا ويطلب منه احد ما توظيف او تعيين شخص سواء من اقاربه او اصدقائه او المسؤولين والمتنفذين0
- الملاكات: من المفترض ان يكون لدى كل مؤسسة او شركة ملاك معتمد (بعض الشركات ليس فيها ملاك معتمد؟!! )ولكن غالبا ما يتم تجاوز هذه الملاكات العددية والتحايل عليها من خلال التعيين بعقد او بالوكالة او غيرها من الطرق وذلك تلبية لحاجات معينة او لتلبية الوساطات.
- تهميش بعض الكوادر الموجودة: ويتم ذلك خاصة عندما يستلم مسؤول جديد وزير او مدير عام مسؤوليته فيبدأ عملية تصفية حساب مع من سبقه.
ـ عدم القدرة على تسريح او انهاء عمل المتقاعسين وعديمي الفائدة: وذلك لان قوانين العمل تحميهم مهما تقاعسوا او تراكمت اخطاؤهم.
ـ تدني الاجور مع ايجاد عمل ثان: يضطر كثير من العاملين الى ايجاد عمل ثان نتيجة عدم كفاية الاجر الذي يتقاضاه للقيام بأعباء اسرته وغالبا ما يكون العمل الثاني لدى جهة خاصة تستثمر جهده الكامل او القيام بأعمال خاصة مجهدة ولساعة متأخرة من الليل فيأتي الى العمل منهكا في صباح اليوم التالي ولا يقوم بواجبه بالشكل الكامل او ينتهزها فرصة للاستراحة وحتى النوم اثناء ساعات الدوام اذا لم يتسنّ له الهروب من الدوام وتزداد بطالته يوما بعد يوم حتى تصبح هي السائدة.
ـ عدم قدرة وفعالية القطاع الخاص على استيعاب العاطلين فعليا عن العمل.
ـ هجرة الاختصاصيين والخبراء من المشاكل الكبيرة التي يعانيها القطاع العام هي هجرة الكفاءات والاختصاصيين سواء كانت هجرة داخلية( قطاع خاص ومشاريع خاصة أو هجرة خارجية ).
ـ سياسة الاستيعاب: لقد درجت الدولة في مراحل متعددة على تبني سياسة الاستيعاب لبعض الخريجين من الجامعات والمعاهد ولا تزال تنحو هذا النحو حتى الآن ولو جزئيا مما فرض على الشركات قبول جميع من يحال اليهم من رئاسة مجلس الوزراء والوزارات المختصة والحاقهم بالعمل حتى ولو لم تكن بحاجة اليهم مما ادى الى تراكم اعداد منهم بدون عمل.
ـ الفساد الاداري: ان جزءا من المشكلة يكمن في المديرين انفسهم فالمدير الذي يتابع مصالحه الشخصية اكثر مما يتابع شؤون المؤسسة او يقضي وقتا خارج القطر اكثر مما يقضيه في مؤسسته لن يكون قادرا على متابعة العمل والعاملين بجدية والتأكد من توزيع العمل بالشكل المناسب على العاملين. ويصبح العمل محصوراً بعدد من الاشخاص القريبين من المدير فيبدأ التسيب ولا يعبأ الآخرون بتنفيذ ما هو مطلوب منهم طالما ان المسؤول عن الشركة غير عابىء بها.