عزيزي رئيس التحرير ....
هذا رد على ما طرحه أ. زكي يماني في حلقات عدة في احدى الصحف المحلية : عندما يكون رد الفعل عاطفيا فإنه يحيد عن جادة الصواب .. التجرد وحده من يوجه آراءنا نحو الوجهة الصحيحة (الإسلام المعتدل قوة سياسية جبارة تكتسح العالم بأسره) استطاع الإسلام أن يغزو العالم فكريا عندما أخلص متبعوه لله النوايا .. لا أشك في أن أحداً ينكر هذا .. فلم يكن السيف وحده الذي ساهم في نشر الدين .. وهذا أيضا يدركه المحققون من أهل العلم .
في صدر الإسلام لم يكن الإسلام مفتوحا على العالم فحسب بل كان مفتوحا للعالم .. لم يكن الإسلام دين جنس أو لون وهذا ما حدا بالكثيرين بأن يعتنقوه بعد اقتناع مع أن سيف الإسلام لا يزال يمارس نشاطه هنا وهناك في أنحاء كثيرة من الأرض.
عموماً .. أن نستفيد من الطفرة العلمية التي أبدع فيها الغرب فأنا معك .. أن نطور من اساليبنا العلمية والعملية فأنا لا أختلف معك .. ان نعيد النظر في مناهجنا بشكل عام فهذا مطلب ملح ووو.. إلخ .. لن أعترض أو يعترض أي ساع للتطور فيما ذكرت وان خالف أحد بدليل أو تأويل فله اجتهاد والاجتهاد لا ينقض باجتهاد .. حتى هذه النقطة نسير على نفس المسار وهو جادة الصواب والصراط المستقيم .. ولكن بعد خطوات سنفترق. إذا ما عملنا بمقتضيات الشريعة الإسلامية السمحة .. فإننا سنكون معتدلين متطورين ومتقدمين، وفي حال أنا نساير كل ناعق ورافع عقيرته فتلك بداية الانحلال والانسلاخ وبوضوح أكثر .. وشفافية أتم .. يقول الله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) يدرك معناها عموم المسلمين في كل مكان، بيد أنه ينبغي علينا معرفة طبيعة ذلك الاتباع في الملة، وتسلسل مراحله، المسلم لن يتبع تلك الملل قلباً وقالباً بصورة تلقائية دون تقلب في نار هادئة تبدأ بتغيير المحتوى الفكري الذي سيقود إلى الخلل في المحتوى العقدي نتيجة ذلك التغير في مصدر المعلومات الذي يستقي منه أسس قراراته.(ما جمع الله لرجل من قلبين في جوفه) وكما قال أحد السلف وأظنه ابن القيم (حب قرآن وحب ألحان في قلب امرىء لا يجتمعان) هكذا ركب خلق الإنسان في تقبل الاضداد وكي يقع المسلم في الخطأ ويحدث خلل في تلك القاعدة، فإنه يتحتم عليه أن يتشرب الشبهة بما يكفل له إشباع الشهوة .. هناك من لا يشك في حرمة الموسيقى وهو مظهر غربي يعرضه الواقع بشتى تقليعاته بل ويتجاوز ذلك إلى أن يتقرب إلى الله به بصفته عملا يقصد به الخير في بعض المعتقدات الفنية .. هذه الصورة الغربية الانفتاحية على مادة الفكر الغربي غير المنضبط يقرر لدى متبنيه مبدأ الانفتاح على الآخر والتمازج الحضاري على حساب ثوابتنا.
انني أوافقك على انحطاط المسلمين في هذا العصر .. ولكن عوامل الوقوف والنهوض مرة أخرى لن تكون بإرضاء الآخر .. كلا .. بل بما قرره خالقنا في كتابه قائلا سبحانه (لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) وهذا التغيير لن يكون إلا بإعادة نظر فيما نحن عليه من سياسات ومناهج وأهداف .. وكل ذلك تحت مظلة شرعية تضم الإشارات التوجيهية على طريق التطوير كي لا نضل الطريق ونسلك درب الغرب المنفتح أما العنصرية والإرهاب والتطرف فهو صنيعة غربية لا يلتفت لها وليست بذات بال سوى ما تطبل به وسائل الإعلام الغربية .. وإن كان من خلل في منهج البعض فلا أسهل من معالجته بأيسر السبل وأقلها تكلفة على الإطلاق.
"ما بين المعقوفين يعود لكلام زكي يماني"
@@ فيصل بن خالد الغريب
