حالة اللاحرب واللاسلم التي تعيشها الازمة العراقية تخبئ خطرا محدقا لا يجب التقليل من شأنه او اعتباره امرا ثانويا ليس من المهم بحثه على ارفع المستويات من قبل الدول الكبرى صاحبة العضوية الدائمة بمجلس الأمن، فمنغومة تجريد العراق من اسلحة الدمار الشامل ـ ان كانت في حوزته بالفعل ـ بدأت اصواتها تميل الى الخفوت، واخذت الادارة الامريكية تلوح بمنغومة جديدة تتمحور حول هدف الاطاحة بالقيادة العراقية الحالية، ويبدو العمل في منتهى الخطورة ان تم بشكل فردي ودون ارادة اممية جماعية، فتغيير نظام بنظام حتى وان كان الهدف منه ارساء دعائم السلام والأمن في هذه الدولة او تلك دون مرجعية اممية يعد سابقة غير محمودة العواقب رغم انفراد الولايات المتحدة بالقطبية الضاربة الوحيدة في العالم، وان كان ثمة تغيير للنظام العراقي فيجب ان يكون باياد عراقية من الداخل لا الخارج، بحكم ان التغيير المعلن بالقوة يعد خرقا واضحا وخطيرا لمواثيق الامم المتحدة التي لاتجيز تدخل دولة في شؤون دولة اخرى الا بقرار اممي جماعي، اما اذا كان الغرض من تسوية الازمة يكمن بالفعل في نزع اسلحة الدمار الشامل فتلك مسألة يمكن حلها سلما عن طريق التفتيش الدولي، وهذا ما يحدث حاليا، فاعطاء فرصة جديدة للمهمة التفتيشية حتى تتمكن من اتمام ادوارها كاملة افضل بكثير من الدخول في حرب عواقبها وخيمة للغاية ليس على العراق وحده بل على دول المنطقة، ودول العالم، فرغم اكتمال الاستعدادات الامريكية لخوض الحرب الا ان الحل العسكري المنفرد للازمة لابد من اعادة النظر فيه، فمصالح الولايات المتحدة داخل حدودها وخارجها ستكون معرضة للخطر، ومصالح كثير من الدول المؤيدة لهذا الحل لن تكون بمنأى عن اخطار عديدة لابد من تداركها قبل قوات الاوان، ولا يتأتى ذلك الا بالعودة لدراسة ملف الازمة بدقة والبحث عن مخرج آمن لتسويتها، فالحروب عادة لا تخلف الا الدمار والهلاك والوبال رغم تطمينات باول يوم امس الاول بان للحرب الوشيكة نتائج ايجابية ولا داعي للتخوف من عواقبها السلبية وتلك تطمينات لا يمكن الركون الى صحتها، فالحرب لاتعكس في تفاصيلها وجزئياتها الا الخراب والموت، وصوت العقل مازال ينادي بأهمية تحكيم التروي وضبط النفس والتحلي باكبر قدر من الحكمة لتسوية الازمة سلما والابتعاد عن خيار الحرب.. فالقوة لا تمثل في كثير من الحالات الدواء الاخير لكل داء.