اثناء الانتظار الطويل والممل بعض الشيء لاحد اقاربي بجانب مدخل السكن الذي اتردد عليه في مدينة المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه في معظم اجازاتي وتحديدا اجازة عيد الاضحى المبارك الاخيرة، تمعنت كثيرا وربما لأول مرة في باب سور السكن ولاحظت تغيرا جذريا في اللون بسبب كثرة الملصقات الدعائية عليه..!! من باب الفضول ولاضاعة قليل من وقت الانتظار العصيب احصيت عددها ونوعها، بل سعيت الى تصنيفها ولولا وصول من كنت انتظره ربما تماديت إلى أكثر من ذلك في معرفة اصحاب هذه المؤسسات من خلال تليفوناتهم ووضعت جام غضبي عليهم ليس بسبب ما احدثه عمالهم أو مندوبوهم من خراب يتطلب تغيير الباب كليا، وانما بسبب من لطعني فترة الانتظار الطويلة.
من اهم الملاحظات تجاوز عدد الملصقات الاربعين (عدا ما تحلل منها وأصبح جزءا هاما من الكولاج النهائي) فمنها ما يخص مؤسسات متخصصة في نقل العفش (او ربما تدعي انها كذلك)، واخرى لمبيدات الرش الخاصة بالنمل الابيض والقوارض وربما البشر، وعدد كبير منها متخصص في كوكتيل الخدمات (تصدير، استيراد، صيانة، نظافة مباني، نقل عفش، رش مبيدات، جلي رخام)، اضافة الى 3 ملصقات خاصة بالحملة الوطنية لشلل الاطفال..!! عدا الاخيرة، فيبدو ان بعض مندوبي هذه المؤسسات يتمتعون بحس مفرط يحسدون عليه عندما وضعوا عددا لا بأس به من هذه الملصقات خلف الباب من اجل راحة ساكني المنزل كي لا يفوتوا فرص استخدام خدماتهم الجليلة بعيدا عن توجيه اللوم الى من يملكون او يديرون هذه الشركات والتي تدعي انها مؤسسات وهي ابعد ما تكون عن ذلك، فاللوم كله يقع على من صرح لها بممارسة ذلك النشاط او مجموعة الانشطة خاصة وهي تفتقد ابسط اخلاقيات المهنة المتمثلة في احترام حقوق الغير وعدم التعدي على ممتلكاتهم او الممتلكات أيا كانت بما فيها المرافق العامة التي انشأتها الدولة رعاها الله لرفاهية المواطن والمقيم.. ويبدو ان استمرارية هذه الممارسات الخاطئة المتمثلة في ظاهرة التعدي على ممتلكات الغير وان صح التعبير استباحتها عن غير طيب خاطر، والتي لاتزال تقوم بها العديد من المؤسسات الخاصة للدعاية والترويج لمنتجاتها وخدماتها وكذلك بعض المؤسسات الحكومية في الأسابيع التوعوية قد رسخت مع مرور الزمن مفاهيم خاطئة لدى اجيال المستقبل ربما كان من بعض نتائجها العبث الذي نشهده في اسوار وجدران الممتلكات العامة والخاصة من تخريب وشخابيط، اذا الامر يحتم علينا اعادة النظر كليا في امر هذه الملصقات وما يندرج في حكمها ومواجهة التجاوزات بكل حزم وقوة، والاهم من ذلك كله مراقبة الله في جميع افعالنا كي نكون قدوة حسنة لفلذات اكبادنا ممن وكلنا رعايتهم وتربيتهم.
وعودة الى موضوع السانحة، فاثناء انتظاري في طوابير نقاط التفتيش الخاصة بجوازاتنا على جسر الملك فهد خلال اجازة الأسبوع المنصرم لاحظت كثافة الملصقات على الجدران الزجاجية لنقاط التفتيش بما فيها الجرائد الصحفية (ربما لتوفير الحماية من اشعة الشمس) والاهم من ذلك آثار الملصقات السابقة في جميع المساحات الزجاجية وبشكل عفوي اقرب الى الفوضى لدرجة تصعب من خلالها الرؤية الصحيحة بسبب بقايا اللاصق (التيب واحيانا العلوك!!) ناهيك عن الحالة المتردية للبيئة الداخلية للغرفة من ابواب المنيوم مهترئة ووحدات تكييف لا تتناسب مع الشكل العام للغرفة، اضافة الى عدم وجود التهوية السليمة داخلها التي تحمي الموظفين من ملوثات عوادم المركبات، وكذلك التدخين الذي يمارسه بعض الموظفين والمسافرين.. وبسبب انجاز التشييك على جوازات سفرنا في وقت قياسي مقارنة بمعظم الاوقات السابقة، لم يتسع المجال لمعرفة نوعية المقاعد التي يستخدمها الموظفون وحالتها واذا كانت من النوع غير المناسب صحيا لافراد يفترض جلوسهم عليها لفترات طويلة قد تصيبهم بعاهات صحية مستديمة (!!). ومن باب الفضول اثناء وبعد فترة الانتظار بدأت تدور في مخيلتي عدة افتراضات حول اسباب هذا الكم الهائل من الملصقات، قد يكون من بينها كثرة التعاميم التي نتلقاها يوميا في المؤسسات الحكومية من باب التذكر بدلا من حفظها (اقصد في ملفات الارشيف العتيقة) التغيير الدوري لبعض اللوائح والانظمة والتي يجب إلمام جميع الافراد بها وتذكرها بلصقها امام ناظريهم، ارشادات لخطوات التعامل مع جهاز الحاسوب وخصوصا بعد ان اصبح عذر توقف الحاسب (أو ما يعرف بالموت المفاجئ لنظام الشبكة) غير مقبول من عامة الناس، ارقام تليفونات بعض ادارات العمل المختلفة وارقام الاصحاب ومطاعم الوجبات السريعة والبطيئة (المتخصصة في المندي والمظبي والكبسة).
لعلنا ندرك مما سبق بعض الفوائد الجمة من الانتظار الممل أيا كان موقعه بدءا بطوابير بنوكنا العزيزة ومرورا بطوابير نقاط التفتيش الفجائية في طرقاتنا وشوارعنا وانتهاء بطوابير جوازات جسر الملك فهد (في الروحات والجايات..) من اهمها تدريب النفس العجلة دوما على الصبر وكظم الغيظ والتأدب مع الغير بعدم التلفظ بالبذاءة خصوصا في ظل وجود الابناء، تقدير الجهد الذي يقوم به الغير في خدمتنا (ولا تحقرن من المعروف شيئا) خاصة عندما ندرك وبما لا يدع مجالا للشك انهم يكلفون باعباء ضخمة جدا تفوق قدراتهم العددية على الاقل (!). وفيما يتعلق بحالة جسر الملك فهد: الدعاء مرارا وتكرارا بان يحنن الله قلوب مرؤوسيهم لتفهم الوضع ميدانيا كي يبادروا بتيسير اجراءات السفر وبما لا يضر بالمصلحة العامة وذلك عن طريق زيادة اعداد الموظفين في نقاط التفتيش ليواكب نصف ما يتواجد على الطرف الاخر من الجسر على الاقل (!!)، اضافة الى تحسين الوضع البيئي الذي يعيش فيه الموظفون في نقاط التفتيش التي اضحى شكلها (وليعذرني الجميع) كأكشاك بيع لا نقاط استقبال تمثل البوابة الاولى التي من المفترض ان تعكس الواجهة الحضارية للدولة رعاها الله.