DAMMAM
الخميس
34°C
weather-icon
الجمعة
icon-weather
34°C
السبت
icon-weather
37°C
الأحد
icon-weather
33°C
الاثنين
icon-weather
34°C
الثلاثاء
icon-weather
36°C

ابو العلا: المثقفون اكتفوا بالادانة في الجلسات الخاصة

ابو العلا: المثقفون اكتفوا بالادانة في الجلسات الخاصة

ابو العلا: المثقفون اكتفوا بالادانة في الجلسات الخاصة
أخبار متعلقة
 
رغم سخونة الاحداث واندلاع المظاهرات في انحاء كثيرة من العالم اعتراضاً على الحرب المحتملة ضد العراق الا ان صوت المثقفين في العالم العربي بدا خافتاً، وان كان هناك اجتماع استثنائي لادباء مصر في الاقاليم سيعقد ظهر الخميس القادم بمسرح البالون لمناقشة المخاطر الراهنة التي تهدد الامة العربية، يعد هذا اول اجتماع استثنائي يعقده ادباء الاقاليم منذ ان بدأت مؤتمراتهم قبل ثمانية عشر عاماً، ومن المنتظر ان يناقش الادباء في هذا المؤتمر ابعاد الموقفين العربي والدولي، ازاء الاصرار الامريكي على ضرب العراق بالتزامن مع تصعيد اسرائيل عدوانها على الشعب الفلسطيني، وفي ضوء انتفاضة الرأي العام الدولي في جميع العواصم وعلى مقدراته كقوة مسيطرة وحيدة. وهنا نتعرض لآراء بعض المثقفين المصريين حول خفوت صوت المثقف ازاء ما يحدث ورأيهم في هذا. يقول الناقد احمد عبد الرزاق ابو العلا: المثقفون حدثت لهم في الاونة الاخيرة ارتدادة كبيرة في تبني القضايا القومية لسيادة النزعة الفردية، فالمثقف لم يعد يهتم الا بما يدور حول ذاته لاسباب كثيرة، ربما تكون اقتصادية او سياسية او نفسية، أو لكل هذا معا، ومن ثم نجد أن المثقف أكتفى بعملية الشجب والإدانة دون أن يفرز فعلا إيجابيا تجاه أية قضية من القضايا، فالمثقف رافض لما يدور في العراق وفلسطين، لكن معظم المثقفين يكتفي بالإدانة في الجلسات الخاصة والضيقة دون أن نرى رأيا معلنا بشكل واضح وصريح يجعلنا نقول إن المثقفين يستطيعون تكوين رأي عام يحدد - في نهاية الامر - مقدار ما يجب اتخاذه تجاه ما يحدث في العراق على سبيل المثال. لقد أصبح المثقف يفكر ويكتب بحسابات، إذ لم يعد يملك الحرية التي تتيح له فرصة النظر بشكل موضوعي. هناك أسماء كبيرة لا تستطيع أن تكتب حرفا واحدا عما يدور في فلسطين أو العراق، وهذه الأسماء تملك منابر يستطيعون من خلالها تحريك الرأي العام، إذا أرادوا، لكنك تراهم يكتبون عن الشاعر فلان أو الكاتب علان، وربما يكتبون موضوعات عامة لا علاقة لها بالسياسة أو الثقافة في نفس الوقت الذي تشتد فيه الأحداث وتطفح على الساحة الممارسات الإرهابية الصهيونية والأمريكية، وهذا يجعلنا نطرح السؤال: أين المثقف العربي؟ وان غياب المثقف العربي يعني ان ذلك سيؤثر في درجة وعي العامة لما يدور حولهم باعتبار ان دور المثقف دور تنويري وطليعي، أي انه يفهم الاحداث من منطلقات فكرية وموضوعية تدفع الآخرين إلى اتخاذ الموقف كلما ازداد الوعي، لكن دور المثقف العربي اصيب بما يشبه السكتة القلبية التي تدخله غرفة الانعاش فلا نراه يحيا او يموت، ويظل في تلك الحالة التي يمكن ان نطلق عليها الغيبوبة. وللاسف لا يتعلق هذا فقط بالقضايا القومية، لكنه انسحب على مجمل القضايا، ففي مصر - مثلاً - لا تستطيع ان تعرف رأي المثقف المصري صراحة حول المتغيرات الاقتصادية التي قللت من قيمة الجنيه المصري، وهي قضية تمسه مباشرة. المقارنة يعقد عبد الرزاق ابو العلا مقارنة بين موقف المثقف العربي الآن ومواقف غيره من المثقفين ازاء قضايا تهمنا فيشير إلى موقف ماركيز من قضيتي فلسطين والعراق، فهو يعيش في منطقة بعيدة عن الاحداث، وعلى الرغم من هذا وجدناه يصدر بياناً يوجهه إلى مثقفي العالم بضرورة اتخاذ موقف تجاه ما يحدث في العراق وفلسطين، معلناً ادانته صراحة للتعنت والصلف الامريكي والاسرائيلي، وهذه الدعوة تحتوي على ادانة للمثقف العربي، لان البيان لم يأت بشكل واضح وصريح من مثقف عربي، كأننا ننتظر ان نحصل على الحلول من الآخرين، فأين المثقف العربي من قضايا تقع في المقام الاول في بؤرة اهتمامه ولن يستطيع التنصل منها مهما كان؟ واضاف: ايام الاحتلال الانجليزي لمصر صدرت مجلات وصحف تندد وتتخذ موقفاً تجاه الاحتلال مثل مواقف عبد الله النديم الذي اصدر مجلات تحرض على ضرورة مقاومة المحتل، ومعظم المثقفين كان لهم دور في تلك الفترة، لكن يبدو ان هناك خللاً في الحياة احدث متغيرات كثيرة في حياة المثقف وجعلته مهزوماً وضعيفاً وغير قادرر على الفعل، ولذلك تجد ان الفعل ربما يأتي من غير المثقفين. واوضح ابو العلا انه في فترة من الفترات قالت اسرائيل ان المثقفين في فلسطين قنبلة موقوتة، وقد ذكرت هذه العبارة مع ظهور ما يسمى بشعر المقاومة الذي قدمه محمود درويش وسميح القاسم وهارون هاشم رشيد، فقد كانت اسرائيل تتخوف من اشعار المقاومة، لذلك قالت ان المثقفين مادة انفجار، فالعدو يخشى المثقف اذا استشعر ان له دوراً وتأثيراً وموقفاً. وعندما اتخذ المثقفون المصريون موقفاً من الكاتب المسرحي على مسالم لانه زار اسرائيل فان السفير الاسرائيلي في ذلك الوقت قال انني اخشى السير في شوارع القاهرة وحدي، لانني استشعر غضب المثقف المصري تجاه تلك الزيارة التي لم اكن اتصور ان تحدث هذا الغضب، فالمثقف اذا كان له دور تجاه القضايا الحقيقية فانه يؤرق الاعداء ارقاً شديداً، وسلبية المثقف عامل من العوامل التي تزيد من الصلف والتعنت، والعكس صحيح، لانه لا يمكن ان يصدر قرار بضرب العراق في وجود رأي عام ينجح المثقفون في طرحه والدفاع عنه. المثقف مشتت يقول الشاعر مسعود شومان: اتصور انه لم تكن هناك حركة قوية تصدر بياناً ضد ما يحدث، وهذا لان المثقف العربي مشتت ولا توجد كيانات كبيرة وحقيقية تستطيع ان تجمع شمل هؤلاء الادباء كي يصدروا بياناً على الاقل، وهو ما يؤكد تاريخهم الفاعل في أية حركة، لكن هناك بعض البيانات الفردية مثل الرسالة التي وجهها الروائي بهاء طاهر عبر جريدة "اخبار الادب" كاشفاً عن المؤامرات التي تحاك للامة العربية، لكن ادباء مصر في الاقاليم يعدون الآن لاجتماع ادبي كبير نهاية الاسبوع لاعلان موقفهم من الهجمة الشرسة على الامة العربية متمثلة في العراق، والوقوف مع الصف العراقي داعمين لشعبه عبر مناقشات وقصائد سوف تلقي في مواجهة هذه الاحداث. وحول رأيه الشخصي قال: اتصور ان ما يحدث مخطط له منذ ازمنة بعيدة، ولم يكن تحطيم البرجين او احداث 11 من سبتمبر الا تكئة لتبرير الدخول إلى المنطقة بعنف وتقوية موقف العدو الصهيوني، وواضح لكل ذي عينين الهدف من تجريد العراق من كل شيء، من هويته وقوته، في حين تظل اسرائيل تقوي مفاعلاتها النووية واسلحة دمارها الشاملة، وقد بدأت مقولة العولمة تهتز كثيراً امام العدوان الامريكي الجاثم على صدر المنطقة العربية، وبدأ المثقف العربي يتشكك في المقولات التي تطرحها، بل اعتقد اننا اصبحنا مهتزين جداً امام موقف بعض الدول غير العربية من الحرب الامريكية المنتظرة، لا اقول فرنسا والمانيا فحسب، وانما دول صغيرة في امريكا اللاتينية وغيرها تقف موقفاً رافضاً وشجاعاً، بل ان بعض الكتاب في امريكا وانجلترا كان موقفهم افضل من موقف كتابنا، مثل هارولد بيتر البريطاني الذي يكتب بشكل اسبوعي ضد الحرب. لم يتخلفوا يرى الاديب والناقد محمد السيد عيد نائب رئيس اتحاد كتاب مصر ان المثقفين لم يتخلفوا. لقد تكلموا وكتبوا وصاحوا، وقد اصدر الاتحاد الكثير من البيانات ونظم العديد من الندوات وكان له موقف محدد مع العراق وفلسطين، وقام اعضاؤه بحرق الاعلام الاسرائيلية والامريكية، وكل الصحف العربية تتحدث عن المخاطر القادمة. وقد شاهدت موقفاً جميلاً في اجتماع اتحاد الكتاب العرب في تونس، حيث تصافح رئيس اتحاد الكتاب العراقي ورئيس رابطة الكتاب الكويتية، وما يدور الآن جزء من مخطط امريكي كبير، وبعد الانتهاء من العراق ستلتفت امريكا إلى مجموعة من الدول الاسلامية الاخرى، فأمريكا تعيد حساباتها، لانها تريد المنطقة على هواها وليس كما يريدها العرب. والوضع الآن وضع الذل والمهانة، واذا لم يبادر العرب للوقوف معاً قوة واحدة فانهم سينقرضون كما انقرض الهنود. وارجو ان يتذكروا جميعا مقولة "قتلت يوم قتل الثور الابيض" وان يضعوا امام اعينهم بيت الشعر: ==1==من يهن يسهل الهوان عليه==0== ==0==ما لجـــــرح بمــــــــيت ايلام==2== اطار السلطة يؤكد الناقد الدكتور سامي سليمان ان مشكلة المثقف في العالم الثالث بصفة عامة تتمثل في انه لا يستطيع ان يتحرك الا في الاطار الذي ترضاه السلطة بالدرجة الاولى، من هنا فانه عندما تحدث مشكلة تهم الوطن ككل فالمثقف يستطيع ان يتحرك في الاطار والحدود التي تضعها السلطة مسبقاً. اذا نظرنا إلى وضعية المثقف المصري الآن في موقفه ازاء ما يحدث في العراق سنجد ان المثقفين المصريين يستنكرون ما يحدث ويرفضون الاعتداء الذي تسعى امريكا لتدبيره واعطائه غطاء دولياً للاستيلاء على العراق، كثير من المثقفين الآن يعبرون عن وجهة النظر الشعبية المصرية في الوسائل المختلفة، لان هذه الرؤية تتفق مع رؤية السلطة المصرية، وهذه حالة من الحالات النادرة، لانه اذا قارنا هذه الحالة بالحالات السابقة، في بداية التسعينيات مثلاً حين وقعت حرب الكويت، كانت السلطة لها وجهة نظر معنية تدافع عن الحرب، وكان كثير من المثقفين المصريين يرفضون الحرب، وبعضهم تعرض للاعتقال كما حدث لعفيفي مطر، والمثقف المصري الآن يعبر عن رفضه واحتجاجه على ما تسعى اليه الولايات المتحدة الامريكية، وهذا يلقى تأييداً إلى حد ما من السلطة لانها تستخدم هذا في القول ان الشعب المصري لا يريد ان تتعرض العراق لمثل هذا الهجوم الذي تدبره الولايات المتحدة الامريكية. وحول رأيه الشخصي فيما يحدث قال د. سليمان: الاستعمار يأخذ اشكالاً مختلفة تبعاً لتطور التاريخ البشري، فمع نهاية النصف الاول من القرن العشرين انتهت تقريباً مرحلة الاستعمار بوصفه احتلالاً عسكرياً وبدأت مرحلة اخرى من السيطرة تتمثل في السيطرة الاقتصادية بالدرجة الاولى، فما تقوم به امريكا الآن نوع من الاستعمار الجديد الذي يأخذ شكل البحث عن حقوق الانسان او غير ذلك، لكنه في حقيقة الامر نوع من الاستعمار الذي يستهدف الاقتصاد بالدرجة الاولى، فامريكا تريد ان تستولي على العراق لما فيها من خيرات وثروات طبيعية لتستخدم هذا لمصلحتها ومصلحة شركات انتاج البترول في العالم كله، لكنها لا تستطيع ان تقول هذا صراحة، وتغطي عليه بغطاء وهمي يتمثل في ان صدام حسين ديكتاتور، وهو ديكتاتور فعلاً، لكن الذي يجب ان يرفضه ويغيره هم العراقيون انفسهم وليس الامريكان. الرفض واضح يؤكد الكاتب المسرحي فتحي دياب ان الرفض لما يدبر للعراق كان واضحاً منذ البداية، فالتصريحات الرسمية والشعبية ضد العراق، وهناك اتساق في الموقف المصري، فالموقف ا لرسمي كان يسعى إلى حل المسالة بالطرق الدبلوماسية، ودعا الرئيس مبارك إلى مؤتمر القمة الطارئ، وهذا تحرك جيد. وعلى المستوى الشعبي لا يوجد مصري ولا عربي ولا الضمير العالمي الا ويرفض هذه الغطرسة والاصرار على الضرب، فهناك حركة شعبية ونخبوية في اتجاه رفض الضرب وما يسفر عنه من اهداف يتجه اليها الطرف الآخر من اعادة ترتيب الاوضاع في المنطقة، فهناك محاولة لسايكس بيكو جديدة، والهدف الحقيقي هو الاستيلاء على النفط واعادة رسم خريطة جديدة وتحقيق المصالح العليا للولايات المتحدة، وهذه الاهداف تعلمها اوروبا، وهو سر رفضها لانفراد امريكا. والهدف الاخر غير المعلن ان يكون هذا لصالح اسرائيل التي تستغل انشغال العالم بالازمة، وتحاول ان يكون الحل شارونيا وعربياً اذا ضرب العراق من ارض عربية سيكون هذا الختم الذي يوضع على شهادة وفاة الدفاع العربي المشترك.