بالرغم من مرور نحو سنتين على وفاة الكاتب المغربي محمد زفزاف ما يزال اشعاع ابداعاته حاضرا بقوة على الساحة الثقافية الوطنية من خلال ما تثيره اعمال هذا الكاتب الفذ من نقاشات ادبية مستمرة.
وآخر مظاهر وتجليات هذا الحضور الاهتمام والنقاش الثري الذي استرعاه الكتاب الاخير الذي صدر عن منشورات رابطة ادباء المغرب (محمد الزفزاف الكاتب الكبير) الذي جرى تنظيم لقاء حوله يوم الجمعة الماضي بالرباط امتدادا للقاء الذي عقد في الاسبوع الماضي بالدار البيضاء حيث شكل اللقاءان معا فرصة اخرى لتسليط مزيد من الضوء على البنيات السردية والوصفية لدى محمد زفزاف (1945 ـ 2001) من خلال دراسات وشهادات عدد من المثقفين.
وجاء تنظيم اللقاء الثاني الذي عقد بالرباط بمشاركة وجوه متميزة على الساحة الادبية المغربية كادريس الخوري ومبارك ربيع واحمد المديني وعبدالجبار السحيمي ومحمد الهرادي ليؤكد بأن ابداعات هذا الكاتب تكاد تستعصي على قواعد الزمن اذ ما زال صدى زفزاف حاضرا وكأن موته لم يكن سوى محطة لتأكيد حياة اخرى.
وقد تم التركيز خلال اللقاء بصفة خاصة على تحليل الخصائص الفنية وبنيات السرد لدى زفزاف مع الحرص على وضعها في اطارها التاريخي كمحطة متميزة من محطات الادب المغربي من خلال دراسة مواضيع وبنيات الوصف والتخيل لديه دون اغفال المراحل التي تطورت عبرها كتابته الابداعية انطلاقا من الشعر العمودي ثم الحديث مرورا بالقصة ووصولا الى الرواية.
وقد تناولت الدراسات والشهادات التي جمعت بين دفتي هذا الكتاب الذي يقع في 214 صفحة من القطع المتوسطة العديد من جوانب فن الراحل محمد زفزاف وغنى ومتانة التراكم الادبي الذي حققه هذا الكاتب الذي قال عنه احمد المديني رئيس رابطة ادباء المغرب انه كان متميزا بفرادته في خضم الزمن الاجتماعي الكوني والثقافي المضطرم الذي عاش فيه ومات انطلاقا من اعتداد بفردية ينبغي ان تكون البوصلة التي يتعين ان ينظر منها الكاتب الى المجتمع والى الخارج بعامة لكي يصل الى جوهرهما.
ويرى المديني في هذا السياق ان محمد زفزاف تمكن بموهبة ومثابرة واجتهاد ووعي عميق بالمجتمع واقبال مفتتن على الحياة ان ينجز ما اضحى اليوم تراثه القصصي الروائي الخاص بعناية وانتظام وثراء وهاجس ثقافي اكيد وبحس شعري مرهف ايضا.