الخوف لا يأتي من فراغ، والتفكير السليم لا يتهيأ للخائف، الطالب الواقع تحت التهديد والوعيد من قبل والديه اما النجاح او انتظار اشد انواع العقاب، كيف يتمكن هذا الطالب الخائف من شحذ افكاره واستخدامها استخداما صحيحا، والطالب الجامعي المهدد بالفصل من جامعته التي لم يبق عليه الكثير لانهائها كيف يستطع هذا الطالب المسلط على رقبته سيف الفصل من جامعته ان ينجو؟ وكيف ينجو برقبته من السياف؟ حتى لو حاول وكرر المحاولة فلن يفلح، وموضوع تصفية الطالبة في امتحانات القبول، المتقدمون آلاف والمطلوب مئات كيف يستطيع الممتحن اجتياز الامتحان في هذا الجو المسموم المليء بالرعب؟ وكيف يستطيع التفكير في الاجابات والحلول الصحيحة وفهم المطلوب، والاحباط يلف المكان ويحيط به؟ والزوجة التي لا تسمع من زوجها الا الانتقادات اللاذعة المستمرة التي لا تترك في نفسها مجالا للتفكير هذا خطأ، وهذا لا يجوز، وهذا لا يصح، وزوجة فلان افضل، كيف تكون مشاعر هذه الزوجة التي لا تسمع من زوجها الا اساليب اللوم انه اجحاف عما لديها من جوانب طيبة بالتأكيد؟ وماذا يصيب احاسيس الموظفين عندما لا يسمعون من رئيسهم الا نغمة الانتقاد المرير عن كل تصرف وفي كل عمل من الاعمال، خوفهم من الوقوع في الخطأ يعمي بصائرهم، ويصيبهم بالارباك، فيقعون فريسة للتذبذب والتشتت الفكري والضياع، يتصرفون بقلق ظاهر حتى لا يتعرضون للوم والتقريع.. شلل فكري تام، يوقعهم في الخطأ، والاحباط، ان استخدام اساليب الانتقاد بطريقة فجة تؤذي مشاعر الناس دون ان تقربهم من الصواب وتجعلهم لا يفكرون الا في وسائل الدفاع عن النفس، وتبرير المواقف التي اصبحت عشوائية وبدون تركيز، هدم لكيان الفرد وكيان الجماعة، وبالتالي ولادة نفور، وتباغض، واعراض فلو طبقت وسائل التشجيع بدلا من وسائل الارهاب والتحطيم، وكذلك طرق رفع المعنويات والنقاش الهادف لبنيت جسور قوية من التواصل، ولو استخدمت لغة الحوار الحضاري، وقدمت الثقة بالنفس لكان الدفع للامام وللافضل، ولتهيأ الكثير من الفرص للتفكير السليم وتجنب الاخطاء والتشتت، وبعودة الاتزان النفسي والاستقرار العاطفي يصبح النجاح سيد المواقف، وتعم الطمأنينة بدلا من الخوف.
وبترك اساليب اللوم والتقريع تقوى الثقة بالنفس التي هي مربط الفرس، والمنى والمطلوب.. ان الحفاظ على مشاعر الناس من الامور الضرورية، وحفظ ماء وجوههم حتى في حالات الخطأ من اوجب الواجبات فلا ينتقد الشخص علانية امام الآخرين، وفي تفهم المواقف مساعدة للجميع، والتصرف بحكمة امر مفروغ منه، فلا يجب ان ننسى المواقف الحسنة في لحظة سخط على تصرف خاطئ ناتج عن اساءة في تقدير الامور وحبذا لو انتهجت الجامعات منهجا افضل بالنسبة لمن تعثر ولم يبق عليه سوى القليل للتخرج، وكذلك الذين يحلمون بالقبول والتسجيل، ويقعون تحت رحمة التصفية. ساعد الله الجميع.
انيسة الشريف مكي