من المتوقع أن تلجأ الولايات المتحدة إلى الاقتراض لتمويل نفقات أي حرب من المحتمل أن تشنها على العراق، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم في عجز موازنتها الذي يقدر حاليا بحوالي 300 مليار دولار.
ويقدر معظم الخبراء التكاليف المبدئية لحرب قصيرة على العراق بما يتراوح بين 50 و100 مليار دولار ويقولون إن مبلغا كهذا يمكن للولايات المتحدة تدبيره دون مواجهة مشكلة اقتصادية كبيرة.
لكن المشكلة في نظرهم ستتمثل في تكاليف إعادة إعمار العراق على المدى البعيد مع إمكانية وجود احتلال عسكري أمريكي على أراضيه.
كما أن الاقتصاد العالمي سيكون الأكثر تضررا إذا ما أدت الحرب إلى ارتفاع في أسعار البترول.. وقد يقود تباطؤ الاقتصاد العالمي إلى تفاقم العجز في الميزان التجاري الأمريكي وتراجع عوائد الضرائب.
أما إذا استمرت الحرب فترة طويلة أو طال أمد أي احتلال أمريكي للعراق فإن ذلك من شأنه أن يثير شكوكا حول حقيقة خطة إدارة بوش لخفض الضرائب على الأرباح بمقدار 692 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.
تكاليف الحرب
ولا تتوافر حتى الآن تقديرات رسمية أمريكية للحرب المحتملة على العراق. قوات حفظ السلام قد تكلف 50 مليار دولار سنويا ويقول ميتش دانيال مدير الخزانة في البيت الأبيض إنه لو قرر الرئيس الأمريكي التوجه للحرب فإنه سيتقدم بطلب للحصول على موازنة إضافية من الكونجرس.
وتشير تقديرات عن موازنة الحرب أعدتها لجنة الموازنة في الكونجرس إلا أن التكاليف الأولية لنشر القوات الأمريكية وتعبئتها تتراوح بين تسعة مليارات وثلاثة عشر مليار دولار.
وقال تقرير للجنة: إن تنفيذ الحرب قد يكلف بين ستة مليارات وتسعة مليارات دولار في الشهر رغم صعوبة تقدير المدة التي ستستغرقها تلك الحرب. ويشير التقرير نفسه إلى أن الموازنة الأمريكية ستتحمل ما يتراوح بين خمسة مليارات وسبعة مليارات دولار لإعادة القوات ثانية.
ويوحي ما ورد في التقرير بأن تكلفة الحرب التي قد تستغرق شهرين أو أقل قد تصل إلى حوالي 40 مليار دولار، لكن المبلغ قد يصل إلى ثمانين مليار دولار إذا استمرت الحرب ستة أشهر.
ويقول المراقبون: إن هذه التكاليف ستماثل نفقات حرب الخليج التي خاضتها الولايات المتحدة في عام واحد وتستعين بقوات أكبر عددا لكنها لم تستغرق سوى أيام قليلة.
ويقول شيرمان كاتز من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية: إن مبلغا كهذا يبدو صغيرا بالقياس إلى الاقتصاد الأمريكي الذي تبلغ قوته 10 تريليونات دولار.
ويضيف أن نهاية الحرب نهاية ناجحة قد تؤدي إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي لأنها ستضع حدا لحالة الشك وتشجع المستهلكين والمستثمرين على الإنفاق بثقة.
تأثير اقتصادي
لكن المركز نفسه يشير إلى درجة عالية من الشك تتعلق بالمخاطر الممكنة جراء حرب طويلة بما فيها إمكانية أن يلجأ (الرئيس العراقي ) صدام حسين إلى الإضرار بحقول البترول العراقية أو تدميرها وفعل الشيء نفسه في الدول المجاورة، أو أن تقود المعارضة الشعبية في الدول العربية إلى فرض حظر نفطي على الغرب.
ومن المتوقع أن يؤدي أي ارتفاع كبير في أسعار البترول وما يمكن أن تخلفه حرب طويلة من شكوك إلى التأثير سلبا على الاقتصاد الأمريكي.
وبالرغم من أن المركز يستبعد حدوث سيناريو كهذا فإنه من شأنه لو تحقق أن يدفع بالولايات المتحدة إلى حالة من الركود ويزيد من البطالة وعجز الموازنة.
كما يمكن أن يتحقق إذا سجلت أسعار البترول ارتفاعا كبيرا عن مستواها الحالي لفترة تزيد على عام.
إعمار ما بعد الحرب
ويمكن أن تطرأ تكاليف إضافية كبيرة بعد توقف العمليات العسكرية بالرغم من أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان حلفاء الولايات المتحدة سيتحملون جزءا من تلك التكاليف أم لا. ويقول مايكل أوهانلون من مؤسسة بروكنجز: إن التكاليف الخاصة بتحقيق السلام ربما تصبح أكبر بكثير من التكاليف الخاصة بالحرب.
فمن المتوقع أن يكون هناك ملايين اللاجئين، وإذا فر 10 % فقط من سكان العراق من الحرب إلى الدول المجاورة فإن تكاليف تقديم العون الإنساني لهم ستتراوح بين مليار وملياري دولار سنويا.
أما الفاتورة الأكبر فربما تتمثل في إعادة بناء العراق بعد الحرب بما ستشمله من إعمار فعلي وتدريب الإفراد القادرين على إدارة شؤون البلاد.
ومن شأن خطة طموحة لإعادة تأهيل العراق على غرار خطة مارشال أن تكلف الولايات المتحدة وحلفاءها ما يصل إلى 75 مليار دولار على مدى ست سنوات حسب دراسة أعدها البروفيسور ويليام وورداوس من جامعل ييل الأمريكية.
أما نشر قوة لحفظ السلام في الأراضي العراقية يتراوح قوامها بين 75 ألف إلى مائتي ألف جندي فمن شأنه أن يكلف بين 15 مليارا و45 مليار دولار سنويا.
معركة الموازنة
ويرى المراقبون أن هذه التكاليف الضخمة ربما تتسبب في مزيد من المتاعب لخطة بوش الاقتصادية.
فالرئيس الأمريكي يرغب في تطبيق تخفيضات ضريبية إضافة إلى التزامات قدرها تريليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة للإنفاق على برامج رعاية صحية للمسنين وإعفاءات ضريبية أخرى.
وتواجه هذه الخطط صعوبات لتمريرها في الكونجرس، ومن شأن ارتفاع مستمر وكبير في أسعار البترول أن يقوضها من أساسها.
ومن شأن هذا الصراع أن يجعل الولايات المتحدة تختار بين حمل السلاح أو حماية قوت مواطنيها في نهاية المطاف.
ستيف شيفريز- BBC أونلاين - واشنطن