كان من المفترض ان يكون الاستاذ سليمان عبدالله القاضي طبيبا بل انه سافر بالفعل الى مصرـ والتحق بكلية الطب في جامعة القاهرة، ثم قطع دراسته حين وصلته موافقة المؤسسة العامة للبترول على ابتعاثه الى امريكا. في امريكا درس الهندسة البترولية ثم عاد الى ارض الوطن وعمل بوزارة البترول والثروة المعدنية ثم انتقل الى ارامكو ومنها الى ادارة الشركة السعودية الموحدة للكهرباء بالمنطقة الشرقية ثم الرئاسة التنفيذية للشركة السعودية للكهرباء.
رحلة طويلة من العطاء كان شعاره فيها الاخلاص والتفاني وتحديد الاهداف والسعي الى تحقيقها.
في عنيزة ولد سليمان القاضي. كان والده يعمل في تجارة الشاي والتوابل والعطور والبخور والاقمشة والاثاث. وكانت الهند مركزا لتلبية طلبات التجار من الخليج والجزيرة العربية فسافر والده اليها وكان يصدر البضائع على بواخر تخرج من الهند وتمر على البحرين او الكويت ثم تنقل البضائع الى العقير ومن العقير الى الاحساء ثم الى القصيم. توفي والده عام 1946م فانتقل سليمان القاضي الى البحرين وعاش واخوه محمد في كنف عمه محمد وكان خبيرا في المحاسبة وفقيها في امور الدين فضلا عن انه كان شاعرا واديبا. تلقى سليمان القاضي تعليمه الابتدائي والثانوي في البحرين، وحين وصل الى السنة الثالثة الثانوية انتقل الى الكويت والتحق بثانوية الشويخ وبعد حصوله على الثانوية العامة سافر الى مصر والتحق بكلية الطب في جامعة القاهرة وكان قبل سفره الى القاهرة قد قدم اوراقه ضمن المتقدمين للبعثات للمؤسسة العامة للبترول ومقرها مدينة جدة وكانت تتبع وزارة المالية ويرأسها عبدالله الطريقي وكان يشجع الشباب السعودي الذي يرغب في السفر الى امريكا لدراسة الجيولوجيا او البترول ثم انفصلت المؤسسة عن وزارة المالية واصبحت وزارة البترول والثروة المعدنية وعين عبدالله الطريقي اول وزير لها.
جاءته الموافقة على ابتعاثه الى امريكا وهو يدرس في كلية الطب بجامعة القاهرة وسافر من القاهرة الى امريكا على طائرة مروحية كانت تتوقف في كل بلد اوروبي وكأنها اتوبيس عام كانت رحلة مليئة بالمفاجآت وكانت مصر تمثل له في ذلك الوقت احدى عجائب الدنيا فكيف وهو يهبط في مطارات اوروبا وامريكا وحين بلغ نيويورك وجد الشاب الصغير نفسه فجأة في قلب مدينة تزدحم بناطحات السحاب.
كانت نيويورك محطة انطلاق سليمان القاضي الى تكساس وكانت اكثر الولايات المتخصصة في دراسة البترول والتحق بجامعة تكساس في فبراير 1959م وانهى الدراسة في عام 1964م بعد ان تخصص في ادارة الهندسة البترولية وعاد الى المملكة.
كان من الطبيعي ان يعمل سليمان القاضي في وزارة البترول والثروة المعدنية وهي الجهة التي ابتعثته واشتغل بالقسم الفني وكانت دراسته تشمل على الاجهزة الفنية في الانتاج والحفر والتنقيب على البترول والعلوم الادارية ثم انتدب للعمل في شركة ارامكو في نهاية عام 1964م واشتغل في هندسة البترول ثلاثة شهور ثم انتقل الى ادارة الانتاج وكان مقرها ابقيق وامضى سنة كاملة وفي هذه الاثناء تزوج وعاش في ابقيق لمدة عامين ثم انتقل الى منطقة العضيلية التي تعنى بانتاج الزيت من المناطق الجنوبية من حقل الغوار واشتغل بها عامين ثم عاد مرة اخرى الى ابقيق واستمر بها 6 سنوات ثم انتقل الى الظهران.
انتقل سليمان القاضي الى ارامكو بعد ان كان منتدبا اليها، وتنقل بين اكثر من وظيفة بها كان آخرها مدير عام خطوط الانابيب ثم تولى ادارة الشركة السعودية الموحدة للكهرباء بالمنطقة الشرقية "سكيكو" ثم شغل منصب الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لكهرباء.
عن بدايات الكهرباء في المنطقة الشرقية، يقول انها بدأت بجهود فردية يتجمع من خلالها عدد من رجال الاعمال ويكونون شركة وفي عام 1976 صدر المرسوم الملكي بضم هذه الشركات الى ارامكو لكي تبدأ في التنظيم الاساسي لانشاء اول شركة موحدة للكهرباء في الشرقية.
بدأت ارامكو في ادارة الشركة منذ عام 1967م واعتبرتها جزءا منها واعطتها صلاحية مطلقة في انشاء شركة نموذجية وادارتها وانتقلت مرافق ارامكو الكهربائية الموجودة في السفانية وغزلان وشدقم والعثمانية وفرس اليها واعير موظفو ارامكو الى الشركة الوليدة لادارة هذه المرافق. وخلال السنوات الست التي ادارت فيها ارامكو الشركة الوليدة استفادت كهرباء الشرقية من خبراتها ونقلت ارامكو اليها العلم والاساليب الادارية الحديثة والتقنيات المتطورة. واعدت شركة كهرباء الشرقية خطة طموحة لسعودة الوظائف وانشأت مراكز تدريب لاستقطاب الشباب السعودي وتطوير كفاءتهم وتنمية مهاراتهم الفنية واستطاعت الشركة السعودية الموحدة للكهرباء بالمنطقة الشرقية والشركات الموحدة الاخرى تحقيق انجازات متميزة مثل زيادة قدرات التوليد وزيادة الاحمال واطوال النقل ذات الجهد العالي واطوال خطوط شبكات التوزيع والطاقة المبيعة واعداد المشتركين.
وبعد تأسيس الشركة السعودية للكهرباء شرعت في دراسة بدائل لاعادة هيكلة انشطتها بما يتلاءم مع تطلعات حكومتنا الرشيدة. واوضحت دراسات الهيكلة الحاجة الى تنظيم اعمال الشركة وهيكلة انظمتها عن طريق التدرج وطبقا لاحتياجات السوق وكما تم العمل به في الدول العالمية وذلك من خلال ثلاث مراحل تستغرق الاولى سنتين او اكثر ويتم فيها الانتقال من التقسيم الجغرافي المتكامل رأسيا الى التقسيم الوظيفي المتخصص والمرحلة الثانية تستغرق ثلاث سنوات ويتم فيها تحويل بعض القطاعات الى شركات مستقلة مملوكة ـ في البداية ـ من قبل الشركة السعودية للكهرباء والمرحلة الثالثة تتسم بوجود آليات السوق الكهربائي الفوري في جزء كبير منه و التي قد يستغرق الوصول اليها عقدا من الزمن. وتعمل الشركة السعودية للكهرباء على توفير خدمة كهربائية مأمونة ذات موثوقية عالية لكافة المشتركين من خلال اهتمامها بتطوير الخدمات الكهربائية وتقدير الاحتياجات الكهربائية في ضوء النمو العمراني والتوسع الصناعي.