أخبار متعلقة
محاولات بوتين رد الاعتبار للستالينية تجابه بردود فعل تتراوح بين الإدانة المطلقة له، وبين محاولة تبرير تصرفاته.
بعد خمسين عاما من وفاة ستالين بنزيف في الدماغ في الخامس من مارس 1953، لم تصف روسيا حتى الآن حساباتها مع قائدها الاعظم الذي بقي في ذاكرة اهلها بطلا هزم المانيا النازية وطاغية مسؤولا عن موت ملايين الاشخاص.
فبعد ان اضمحلت الى حد كبير من ذاكرة الشعب الروسي اثر الموجة الكبرى للديموقراطية التي حلت مع البريسترويكا وفي بداية التسعينات، عادت ذكرى ستالين الى روسيا مع فلاديمير بوتين كرمز للرجل القوي وعودة النظام.
وعبر عدد من المنشقين السابقين والمؤرخين الروس عن احتجاجهم على رد الاعتبار للطاغية مدينين ازدهار المنشورات التي صدرت في ذكرى رحيله.
وقال الكسندر لاكوفليف، المستشار السابق لميخائيل غورباتشيوف، وأحد المهندسين الرئيسيين للبريسترويكا في الثمانينات انه لم تجر عملية لإزالة آثار البلشفية مثل تلك التي شهدتها المانيا لازالة آثار النازية.
واضاف لاكوفليف ان المجتمع الروسي يبدو غير قادر على ادراك حصيلة ضحايا عمليات القمع في عهد ستالين وكأنهم لا يريدون ان يعرفوا، على حد تعبير هذا الرجل الذي تستعد مؤسسته ديموكراتيا لاصدار وثائق تنشر للمرة الاولى حول هذه المسألة.
وقال عالم الاجتماع بوريس دوبين ان جزءا كبيرا من المجتمع الروسي الذي افقرته وزعزت استقراره سنوات الاصلاحات الفوضوية والنزاعات السياسية، يذكر ببعض الحنين عهد ستالين.
وافاد استطلاع للرأي اجراه معهد فتسيوم ان 39% من الروس كانوا يحملون آراء ايجابية في ستالين في 2001 مقابل 26% في 1994. اما الذين لا يتعاطفون معه فقد بقيت نسبتهم ثابتة عند 43%.
وقال دوبين ان ستالين يمثل رمزا للهوية الجماعية وذكراه تلبي حاجة التطابق مع اسطورة الدولة القوية والخصوصية الروسية في مرحلة اضطرابات.
وتابع ان النخب الروسية استطاعت استغلال هذا التحول في مشاعر الشعب الذي رافق وصول فلاديمير بوتين الى الرئاسة بعد ان كان عميلا سابقا لجهاز الاستخبارات السوفيتي (كي جي بي) يتمتع بسمعة رجل لا يمكن افساده ويملك ارادة حديدية ويستخدم ببراعة رموز الماضي.
وبعد انتخابه اعاد بوتين، الذي ينتج مصنع في الاورال تماثيل نصفية له وتزين صوره السجاد، النشيد الوطني السوفيتي بكلمات جديدة كتبها الرجل نفسه الذي وافق ستالين على نصه الاول، سيرغي ميخالكوف الذي يبلغ من العمر اليوم ثمانين عاما.
ورأت المؤرخة ماريا فيريتي ان رد الاعتبار لستالين يلبي مطلبا من شقين. واوضحت انه يعكس اولا الرغبة في انهاء نوع من التكفير عن ذنب الادانة الوطنية للستالينية عند انهيار الاتحاد السوفيتي السابق.
واضافت ان المعلومات التي كشفت من جهة ثانية عن مدى عمليات القمع تدل على ان مأساة الستالينية ما كانت ستحدث لولا مشاركة ملايين الاشخاص فعليا او بشكل غير مباشر فيها مما يجعل من المستحيل تحديد الخط الفاصل بين الضحايا والجلادين.
وتابعت فيريتي ان ثقل الماضي جعل الشعور بالذنب الجماعي عميقا جدا وتسوية هذه المسألة مستحيلا. ورأت المؤرخة الايطالية ان محو ذكرى الستالينية في روسيا في التسعينات ليس امرا استثنائيا مذكرة بان اوضاعا مماثلة شهدتها محاولات الحديث عن النازية في المانيا والفاشية في ايطاليا ونظام فيشي الذي تعاون مع النازيين في فرنسا.
وتابعت ان الضيق الناجم عن عدم اعطاء الستالينية حقها في ذاكرة الشعب الروسي يقف على ما يبدو وراء الصعوبات التي تواجهها روسيا اليوم في الحصول على هوية لها بطريقة غير تعبئة الشعور القومي، معتبرة انها ظاهرة بلغت اوجها في عهد بوتين.
القوميون الروس لا زالوا متمسكين بالاسطورة ستالين