قديما كان لكل قبيلة من قبائل المملكة لهجة تميزها عن غيرها من القبائل ، ولكن بعد توطين البادية وانتشار الوظائف الحكومية والتعليم ووسائل المواصلات والاتصالات أصبح أبناء الغرب في الشرق وأبناء الشمال في الجنوب وهكذا أصبحت كل المناطق تضم جميع أفراد القبائل وهذا الاختلاط جعل اللهجات الدارجة تذوب وتنصهر في قالب واحد مما نتج عنه ( لغة بيضاء ) هي لغة جميع القبائل .. والشعراء كغيرهم سرعان ما تأثروا بهذا الاختلاط فأصبحت لغة القصائد متشابهة واختفت لغة الخطاب الأنثوي ( السين ) مثل قولهم (وشلونتس )الذي كان البدو يتحايلون على اللغة به ، كأسهل طريقة للتمييز في لغة الخطاب بين الذكر والأنثى من قصائد الشعراء وأصبح الجميع يكتبون بهذه اللغة التي يفهمها الجميع مما جعل قصائدهم أكثر رقة وعذوبة مما كانت عليه، بل ان هذه اللغة أصبحت من المتطلبات الأساسية لنجاح القصيدة فالقصيدة المكتوبة باللهجة الدارجة لن تلقى النجاح المأمول حتى لو كانت مكتملة البناء وذلك لصعوبة لفظها ولعدم تمكن القارئ من فهم المقصود من بعض هذه الألفاظ وبالتالي نجده يحجم عن قراءتها ونلاحظ اليوم تعمد بعض الشعراء الكتابة بلهجته الخاصة بل وتضمين القصيدة بعض الألفاظ التي عفا عليها الزمان وتحتاج لمن ينفض عنها الغبار ويلمعها لكي تصبح مفهومه لدى جمهور الشعر الآن ، فلمن يكتب هؤلاء ؟ وهل يعقل أن تخاطب الجمهور بغير لسانهم ؟؟!! و الله عز وجل عندما أنزل القرآن على نبيه وهو بين عشيرته وهم أهل فصاحة وبلاغة أنزله بلغتهم التي يفهمونها فكان سهلا عليهم فهمه وتدارسه . ونحن اليوم أمام جيل يصعب عليه فهم بعض ألفاظ الفصحى فكيف يفهم ألفاظا ليس لها أصل في اللغة الأم ؟ وبعض الشعراء يجهل معاني لهجته فنجده يوردها في القصيدة بحيث تفقد مدلولها أو يحرفها لتناسب القافية وهذا التحريف يؤدي بطبيعة الحال إلى تغيير معناها فقط ليدل على أنه من أبناء البادية أو ليضفي طابع ( الجزالة ) على قصيدته وهذا التوظيف الخاطئ يجعل القصيدة تفقد روحها ورونقها فهو ألبسها حلة لا تليق بها وليست من زمنها.