في زيارته الأخيرة لمملكة البحرين الأسبوع الماضي وفي شأن الحرب التي تروج لها الأبواق الأمريكية والانجليزية ضد العراق صرح وزير الدفاع البريطاني السيد جيفري هون بكل استخفاف واستهانة بمشاعر أهل المملكة وجميع المسلمين بالعالم،
بأنه لا يؤمن بما قيل من أن الحرب المحتملة هي في اساسها حرب ضد الاسلام معربا عن ان الخيار الذي اتخذته بريطانيا ضد صدام حسين يعتبر في صالح الدول الاسلامية، وأوضح ان بريطانيا كانت من أوائل الدول التي بادرت الى توفير الحماية للمسلمين في البوسنة والهرسك (طبعا بعد خلو اراضي البوسنة والهرسك من رجال الفئة العمرية للذبح على ايدي الصرب وهو نفس النهج الذي تتبعه بريطانيا في المسألة الفلسطينية حيث انها تنتظر اكتمال تصفية الفلسطينيين قبل تحركها) وقال: ان بريطانيا سوف تواصل الاستمرار في هذا النهج (اي التدخل بعد التصفية) في حالة تعرض المسلمين لمعاملات غير انسانية أو عمليات ارهابية، وأشار الى ان مشاركة بريطانيا في قصف مواقع في العراق ناجم عن الحرص البريطاني على توفير الحماية للعراقيين في الشمال والجنوب (بغض النظر عن القتل والدمار اللذين يلحقان بالآخرين من شعب العراق) وانها لن تتهاون في تقديم العون والمساعدة للمسلمين في أي جهة كانت في حالة تعرضهم لمعاملات غير انسانية أو تهديدهم بعمليات ارهابية من اطراف أخرى.
يا لها من مفارقة بين القول والفعل فلا شك ان ما قاله السيد هون إما هو من تأثيرات رطوبة جو البحرين وإما ان السيد هون مصاب بضمور في الذاكرة. تبا لهذا المنطق الاعوج، ألهذا الحد يستخف بنا السيد هون ويريد طمس ذاكرتنا ويسرح بنا بعيدا عن نكبة فلسطين؟. هل نسي الوزير ان بريطانيا هي سبب النكبة وان الفلسطينيين كانوا ومازالوا يتعرضون لتداعياتها من قتل ودمار على ايدي الاسرائيليين بمساعدة امريكا وبريطانيا؟ اين ذهبت لفتتكم الانسانية التي تتشدقون بها يا سعادة الوزير؟ ألا ترى نعوش الفلسطينيين تتقاطر يوما بعد يوم في عملية تهجير مستمرة من احياء فوق الارض الى اموات تدفن تحت ترابها بمباركة بريطانيا؟ سعادة الوزير: اذا كنتم فعلا قادمين لحماية المسلمين كما ذكرت وكما ذكر السفير الأمريكي بمملكة البحرين الذي نسي المعتقلين الذين يقبعون بسجن جوانتنامو دون محاكمة وصرح بأن اهداف امريكا تتناغم مع اهداف بريطانيا بشأن الحرب على العراق وهو يأتي في اطار حماية المسلمين اينما كانوا واطلاق سراح المسجونين وتحرير الشعب العراقي والبحث عن المفقودين البحرينيين وغيرهم وارجاعهم الى أهلهم، اذا كانت هذه هي غايتكم، فأين انتم من اسرائيل التي آذت ولاتزال تؤذى على مدى اكثر من نصف قرن من الزمان المسلمين والمسيحيين داخل وخارج فلسطين؟ آذت مصر وآذت سوريا والاردن ولبنان وليبيا والمغرب. فلماذا لا تسيرون الجيوش نحوها أو على الاقل الزامها بقرارات الأمم المتحدة؟
ان العراق يؤذي شعبه؟ وأنتم تعلمون ان ايديكم ملوثة بدماء اطفال ونساء وشيوخ العراق، انكم يا سيدي لم تأتوا الا لجلب المزيد من الأذى لشعب العراق الذي استعصى عليكم كسر ارادته بالحصار الجائر. في سنة 1941 قام الالمان بنفس هذا النهج الكاذب الذي تمارسونه أنتم الآن بتبني الغش والخداع واوهموا جمهور المانيا بأن الجيش الاحمر الروسي يعد العدة لغزو جيرانه وان المانيا هي الاخرى مستهدفة بعمليات ارهابية وبالتالي لابد من الدفاع عن أمن وسلامة ألمانيا كمبرر لقيام المانيا بالحرب من أجل الأمن والسلام وهذا ما تفعله الآن امريكا وبريطانيا معا كمبرر لارتكاب جريمتهما ضد العراق وضد الأمة الاسلامية. ان الله ليس بغافل عما يعمل الظالمون فكلما اشعلوا نارا للحرب اطفأها الله سبحانه وتعالى. ادعوا ان العراق لايزال يمتلك اسلحة الدمار الشامل وبعد التفتيش اتضح انه لا يملك وصرح رئيس مفتشي الأمم المتحدة بأنه لا توجد اسلحة دمار شامل بالعراق ثم نكصوا على أعقابهم وقالوا: ان العراق لا يتعاون مع المفتشين الدوليين فعاد السيد البرادعي ليؤكد ان العراق متعاون مع جميع رغبات المفتشين. قالوا: ان صدام حسين رئيس غير مرغوب فيه بالمنطقة وعليه ان يرحل وقامت دولة الامارات العربية المتحدة بطرح فكرة رحيل صدام حسين امام مؤتمر القمة العربية بشرم الشيخ لجس نبض المشاركين فقوبلت بالرفض القاطع من قبل المؤتمرين حتى في مناقشة الطرح فكان بمثابة الرسالة الناصعة من جميع الدول العربية وصفعة اخرى بعد الصفعة التركية برفض انتشار القوات الأمريكية في محاولة اممية لايقاظ هذا المتغطرس الذي غرته قوته على تبني الاثم والعدوان وافهامه بأن العالم يرفض الحرب ويرفض القتل ويرفض الدمار وينشد سبل السلم والحوار وهي رسالة خاصة من دولنا التي هي في محيط بؤرة الحدث لتقول لا للحرب لأن تداعياتها لا تمسنا نحن فقط بل سوف تنعكس بشكل افظع وافجع على حياة واقتصاديات ابنائنا ومن بعدهم الاجيال القادمة لعدة عقود. أما امريكا وبريطانيا وحلفائهما فبحكم بعدهم آلاف الكيلومترات عن موقع الحدث فلايهمهم ما يجري لنا وعلينا فهم بعيدون لاتطاولهم سموم الحرب ولا نكباتها ولا تعطل نمط حياتهم، فلا ضير بالنسبة إليهم ان ضحوا بالقليل لتعيش شعوبهم في رخاء دائم. لكن يمكرون ويمكر الله ولن يستطيعوا فعل شيء الا ان يشاء الله. على أمل ان ترفض القمة الاسلامية بدولة قطر مبدأ التدخل في الشئون الداخلية التي سوف تطرحها مجددا دولة الامارات العربية المتحدة وان يستمر البرلمان التركي على رفضه السماح بنشر القوات الأمريكية على الاراضي التركية وان تنتهي اعمال التفتيش عن قريب ويعلن السيد بلكيس خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل وترفع العقوبات المفروضة على الشعب العراقي ويلتفت العالم الذي صرفته هذه الاحداث المفتعلة في هذا الوقت بالذات الى ما يتعرض له الشعب الفلسطيني الذي طحنته الآلة العسكرية الاسرائيلية وهي تتوغل في رفح وخان يونس وكل شبر من الاراضي الفلسطينية وتعربد على هدي الخطة الامريكية خريطة الطريق" في استعراض كامل للقوة والغطرسة وتحد سافر للأمم المتحدة وهيئاتها وجمعياتها، نأمل ان يستطيع العالم ان يجمع على فعل شيء ضد اسرائيل ولو بقدر نسبة ضئيلة كما فعل بالعراق. اخبار الخليج البحرينية
