دول مجلس التعاون الخليجي الست استطاعت (بعد مضي ما يزيد على عشرين عاما منذ توقيع قادتها على اتفاقية الوحدة الاقتصادية في بداية الثمانينيات) الاتفاق على توحيد سياساتها المالية في الشق المتعلق بعلاقاتها التجارية مع دول العالم الأخرى وذلك بإعلانها قيام الاتحاد الجمركي بينها بقبولها فرض تعرفة ورسوم جمركية موحدة على البضائع والمنتجات والخدمات التي تستوردها من دول العالم الاخرى وهو ما يمكن أن ينتج عنه عدة فوائد تتمثل في الآتي:
1 ــ تقريب أسعار السلع الاستهلاكية المستوردة (والمعمرة منها كالسيارات والالكترونيات والادوات الكهربائية والاثاث وغيرها)، بكل الاسواق الخليجية وهو ما لابد ان يحد من ظاهرة تهريبها من سوق الى سوق آخر ويحد بالتالي من الأضرار التي كانت تقع على المستوردين لبعض السلع والبضائع لبعض الدول ولمصلحة الغير بدول خليجية أخرى.
2 ــ تقريب أسعار السلع الرأسمالية (الآلات والمعدات) والسلع الوسيطة والخامات اللازمة للانتاج والمشروعات بكل دول المجلس وهو ما يؤدي الى تقريب تكاليف المنتجات (تكاليف الإنتاج) وأسعار المنتجات بالتالي بكل دول المجلس ومن شأن ذلك ان يعمل على ألا ينتقل المستثمرون من دولة الى أخرى وكما هو حادث للاستفادة من التكاليف الاقل والذي يتسبب عنه استفادة بعض دول المجلس من زيادة الاستثمار والإنتاج بها على حساب دول أخرى.
3 ــ يحد من ظاهرة شراء وتسوق المستهلكين أنفسهم في بعض دول المجلس من أسواق دول أخرى به وهو ما يتسبب عنه وقوع أضرار للمنتجين والمستوردين بدولهم ولمصلحة نظرائهم بالدول الاخرى.
إن الفوائد المشار اليها وان كان الاتحاد الجمركي يمكن ان يلعب دورا فيها فانه من المهم الاشارة الى ان هذا الدور لابد ان يكون جزئيا ومنقوصا لعوامل وأسباب عديدة تلعب هي الاخرى دورا في الحد من ديناميكية عمل الاتحاد منها الآتي:
1 ــ استيراد كميات ضخمة جدا من السلع والبضائع ببعض دول المجلس (الكبيرة الحجم في عدد السكان والاقتصاد) يعمل على انخفاض متوسط تكلفة الاستيراد لها وانخفاض تكاليف الشحن والتأمين وحتى المناولة وغيرها.
2 ــ انخفاض تكاليف نقلها بعد وصولها الى المستودعات والمخازن وانخفاض تكاليف تخرينها وتوزيعها بالاسواق الداخلية للدول الاكبر حجما.
3 ــ انخفاض متوسط تكاليف كل مراحل تسويقها وتكاليف الدعاية والاعلان وحتى متوسط التكاليف الادارية والمكتبية لها.
وبذلك في النهاية تبقى أسعار بيع السلع والبضائع والمنتجات المستوردة بكميات ضخمة أقل من مثيلاتها بدول أخرى بالمجلس وعلى الرغم من تطبيق الاتحاد الجمركي لتوحيد الرسوم الجمركية عليها لن يكون لهذه الاسباب وحدة لتخفيض وتوحيد أسعار استيرادها وبيعها اذ ان هذه الرسوم لا تعدو ان تكون إلا جزئية واحدة من جزئيات أخرى عديدة تدخل جميعها في تركيب تكاليف الاستيراد والتسويق فيما بعد.
أكثر من ذلك فان دول المجلس لم تتوصل بعد الى الاتفاق على عدد من السياسات المالية المتعلقة بأمور أخرى عديدة نذكر منها الاختلافات التي لاتزال موجودة بمستويات وهياكل الاجور والرواتب والتأمينات الاجتماعية والصحية واختلاف الرسوم الإدارية على وجه العموم ورسوم التسجيل التجاري والصناعي على وجه الخصوص والتي تصل ببعض دول المجلس الى حدود مرتفعة؛ الامر الذي يجعل البعض يعتبرها ضرائب باهظة واختلاف المعونات والإعانات النقدية والعينية للمشروعات وتؤدي هذه الاختلافات في النهاية هي الاخرى الى اختلاف تكاليف انتاج السلع والمنتجات الخليجية من دولة الى أخرى .
