تقوم التكنولوجيات المتناهية الصغر (نانو تكنولوجيز) على الدراية والمهارة في التعامل مع الاجزاء الدقيقة للمادة، ولا تقتصر مزاياها على احداث ثورة في تصاميم الاجهزة واستخداماتها، وانما تنطوي عليها رهانات اقتصادية واجتماعية كبيرة.
وتستقي (نانو تكنولوجيز) اسمها من النانومتر كوحدة قياس تساوي واحدا على مليار من المتر، اي ارفع بثمانين الف مرة من شعرة الانسان.
وقد بدأ (علم النانو) (نانو ساينس) والتقنيات المنبثقة تترك اثارها على الصناعة والحياة اليومية للبشر، كما اكد المشاركون في مؤتمر-معرض (نانو تك 2003) الذي نظم في ماكوهاري بطوكيو.
ويقول رنزو توميليني، المسؤول عن وحدة (نانو ساينسز) و(نانو تكنولوجيز) في هيئة الابحاث التابعة للمفوضية الاوروبية "في العام 2010 او 2015، نتوقع ان تؤمن المواد والمنتجات التي تقوم على النانو تكنولوجيز عائدات بقيمة الف مليار يورو (تريليون يورو)، بدءا من الاجهزة الالكترونية الى الاتصالات ومن المواد الى التكنولوجيا الحيوية (بيوتكنولوجي).
وتطبيقات (النانو تكنولوجيا) غير محدودة بدءا من الواح الزجاج التي تنظف نفسها باستخدام بطاريات تعيد شحن نفسها خلال دقيقة واحدة، الى شبه النواقل التي تعمل بالموجات الصوتية الصغروية (مايكرو ساوندس) القادرة على استهداف الخلايا السرطانية القاتلة خلية بخلية.
وتجتذب النانوتكنولوجيا وتطبيقاتها المحتملة اهتمام الكثيرين من العلماء والصناعيين الى الممولين، والدلالة على ذلك مشاركة نحو سبعة الآف شخص في مؤتمر (نانو تك 2003).
وستؤدي هذه التكنولوجيا الى احداث تغيير جذري في طريقة الانتاج المعتمدة منذ زمن طويل.
ويقول توميليني محاولا شرح ما يحدث اننا ننطلق من الكبير الى الصغير فالاصغر. فكأننا نقطع شجرة لنصنع مسواكا للاسنان.
ويضيف انه مع تطور القدرة على التحكم بالذرات، سينطلق العمل مستقبلا من الاسفل الى الاعلى. وسنكتسب قريبا القدرة العملية على الانطلاق من اصغر اجزاء المادة لتصنيع الاجهزة.
ويقول توميليني ان طريقة الانتاج هذه ستكون متماشية مع حماية البيئة لانها تتيح انتاج كميات اكبر باستخدام كمية اقل من المواد والموارد عبر استخدام طرق اكثر ذكاء. واضاف ان روعة النانو-تكنولوجيا تكمن في كونها تتيح لنا التكيف مع متطلبات التنمية المستدامة.
ومن التطورات الواعدة لهذه التكنولوجيا انتاج انابيب متناهية الدقة من الكربون، وهي، كما يقول توميليني، مادة اقوى من خيوط العنكبوت (التي تعتبر امتن مادة على الارض)، اي اقوى بعشر الى مائة مرة من الفولاذ لكل جزء من الوزن. ويتم انتاج هذه الانابيب من البلاسما، اي من مادة لا تترك مخلفات سامة او ملوثة من ثاني اوكسيد الكربون الذي يعتبر من الغازات المسببة لظاهرة ارتفاع حرارة الارض. لكن هذه المادة (العجيبة) التي تتعدد تطبيقاتها في مجالات الالكترونيات والطاقة لا تزال باهظة الكلفة. ويقول جان-مارك غرونييه ان الهدف في اوروبا هو خفض سعر الغرام الى يورو واحد مقابل 80 يورو حاليا. وغرونييه هو مدير الشؤون العلمية في مفوضية الطاقة الذرية الاوروبية.
لكن المفوضية الاوروبية تقدر ان يصل الانتاج التجاري للانابيب الدقيقة (نانو تيوبس) الى حوالي 400 مليون دولار ابتداء من العام 2004.
ولذلك يضخ الامريكيون والاوروبيون واليابانيون الكثير من الاموال في النانوتكنولوجيا. وتشكل هذه التكنولوجيا جزءا اساسيا في البرنامج-الاطار السادس للأبحاث الاوروبية مع استثمارات اجمالية تصل الى 700 مليون يورو سنويا، من الاتحاد الاوروبي والدول الاعضاء والقطاع الخاص.
ويقول غرونييه انه خلافا لتكنولوجيا المعلومات، التي تقدمت فيها الولايات المتحدة بأشواط على اوروبا واليابان، فان الكتل الاقتصادية الثلاث تتحرك اليوم على المستوى نفسه في اكتساب الخبرة والانتقال الى التطبيق.