يحبس العالم أنفاسه مرة أخرى حيال التداعيات الخطيرة في المنطقة, فالأسبوع الحاسم يقترب كلما اقتربت عقارب الساعة من نهاية يوم السابع عشر من الشهر الجاري, حيث ستؤدي الأزمة العراقية دون شك الى افرازات خطيرة, فان حاولت الولايات المتحدة دخول الحرب ضد بغداد دون غطاء شرعي, وان لم يبارك مجلس الأمن خطوة الحرب فان ذلك يعني نشوء نظام دولي جديد يصعب التكهن بشكله في الوقت الراهن, وان احتدم الخلاف واشتد الانقسام حول الأزمة واضطر بعض الكبار لاستخدام حق النقض داخل ردهات مجلس الأمن, فان هذا الاستخدام في حد ذاته لن يحول دون نشوب الحرب, واذا نشبت مع استخدام ذلك الحق فان العالم سيفتح الصفحة الاولى في كتاب ازمة دولية خطيرة رغم ان ابعادها مجهولة الا انها ستكون مرشحة للتشعب والتفرع, ولم تكن الولايات المتحدة بعيدة عن هذا التحول المحتمل, فقد ادركت تماما ان دخول الحرب دون حلفاء سوف يكلفها كثيرا, ولا يكفي التذرع بأنها طلبت تأييد المجتمع الدولي قبل خوضها الحرب, فتلك ذريعة واهية حتى وان كان هدفها الرئيسي يتمحور حول الهيمنة التي افرزتها عوامل القطبية الضاربة الوحيدة في العالم, وان واشنطن وجدت الفرصة سانحة في الأزمة العراقية لبسط تلك الهيمنة, فلا شك ان الحرب المحتملة سوف تفرض واقعا جديدا على العالم بأسره من سماته ان الدول الكبرى صاحبة الحق في استخدام النقض ستجد نفسها دون نفوذ أو أدوار, بل ستكتشف انها خارج اللعبة تماما, والأخطر من ذلك ان تهمش الأمم المتحدة, وتغدو غير قادرة على اتخاذ اي قرار دون مرجعية الولايات المتحدة ووصايتها, وبالتالي فان دول (الفيتو) ستدخل في مرحلة معقدة للغاية, من أهم علاماتها ان القطب الواحد سوف يفرض أمرا واقعا يتحكم في السياسات الخارجية لسائر الدول, وتلك مرحلة لا يمكن الاستهانة بخطورتها, تعني ضمن ما تعنيه ان آليات الشرعية الدولية سوف تتغير, وان إعادة إنتاج وتشكيل الأمم المتحدة بمعادلات ومفاهيم جديدة أمر غير مستبعد.