استوقفني ذلك الخبر الذي نشرته صحفنا المحلية حول تقليل وخفض فترة تأشيرة: الخروج والعودة للعمالة الوافدة من فئات العمال إلى شهرين بدلاً من ستة أشهر. وأعتقد أن هذا الاتجاه صحيح مائة في المائة، كما أنه يعكس قدراً كبيراً من الاهتمام بتعديل وتصحيح بعض الظواهر والأوضاع السائدة في سوق العمالة الوافدة داخل المملكة، حيث يرى كل مراقب أو متابع- عن كثب- لما يمكن أن نسميه السوق السوداء لهذه العمالة العديد من الممارسات التي تشكل في محصلتها النهائية عبئاً على سوق الوظائف والعمل داخل المملكة. ومن هذه الممارسات التي تحدث وراء الكواليس أن بعض المواطنين يجلبون بعض العمال إلى المملكة دون وجود حاجة حقيقية لهم، ثم يطلقونهم في السوق بحثاً عن فرص العمل لدى كفلاء آخرين مقابل مبالغ مالية شهرية. والملاحظ أن هذه السوق السوداء غير منتظمة وتعاني اختلالات كثيرة، ويمكن القول أنها تحولت في بعض الأحيان وفي مجالات معينة من الأنشطة والحرف إلى سوق موسمية تتعرض للركود في بعض الفترات. ومن هنا - وفي فترة الركود- يحصل الكفيل لمكفولة على تأشيرة خروج وعودة تمتد إلى ستة أشهر، يعود بعدها إلى المملكة في الموسم ليزاول العمل لدى كفيل آخر.ويمكن لأي مراقب أن يكتشف أن هذه السوق وهمية وليست حقيقية، وهي تضم العديد من العمال الذين لا حاجة حقيقية لهم ولا لإقامتهم. ولاشك أن التوجه الجديد الذي يقضي بتقصير فترة السفر أو المغادرة التي تستغرقها فترة صلاحية تأشيرة الخروج والعودة، وخفضها إلى شهرين بدلاً من ستة أشهر، حل عملي يتناسب مع طبيعة الممارسات السائدة في كواليس العمال الوافدين، وذلك سوف يكشف إلى اي حد وإلى أي مدى يحتاج الكفيل إلى العامل الوافد، حيث ان بعض المواطنين يلجأ- في حالة احتياجه الحقيقي لجهود العامل الذي غادر المملكة- إلى استقدام آخر لأداء عمله،وهنا فإن العمالة الحقيقية التي تمثل ضرورة حيوية للسوق، والتي تحتاج إليها السوق احتياجاً حقيقياً هي التي ستبقى، أما العمالة المزيفة والتي تعيش عالة على السوق وتشكل استنزافاً لموارده البشرية أو عبئاً عليها فسوف لا يكون لها وجود. ومن ثم فإن العملة الجيدة هي التي سوف تطرد العملة الرديئة لا العكس كما يحدث في كثير من المجالات.
رشيد بن راشد الرشيد ــ الظهران