(لولا اختلاف الآراء لبارت السلع) مقولة فيها الكثير من الصحة ليس فقط في التسوق واقتناء البضائع والخدمات فحسب, وانما من الممكن سحبها على الكثير من السلوكيات والأساليب الحياتية بدءا من الأفكار والاتجاهات التي تسكن رؤوسنا ونهاية بالقرارات التافهة او المصيرية..
مقولة مثل هذه صحيح ان معظمنا يقر بها ولربما رددها في اليوم أكثر من مرة, ولكن من النادر تجدنا نطبقها فعليا ونحترم حق الآخرين فيها.. أكاد أجزم بأن مقولات لا تعد ولا تحصى في ميراثنا الثقافي في الأخلاق وفي الأمانة والجد والمثابرة وهلم جرا لا تجد هي الأخرى طريقها في تفاعلاتنا وعلاقاتنا الإنسانية.. الناس هنا يا سبحان الله تجيد الحكي في القيم أكثر من تجسيدها في السلوك والتصرف فيما بينهم.. يعني تجد البني آدم منا يصرخ في كل شاردة وواردة بمسألة الاختلاف في الرأي هذه ولربما تشدق بها مرات ومرات على اسماع أصدقائه ومعارفه وزملائه وزوجته وأبنائه وتكتشف مصادفة انه سلطوي في تصرفاته داخل بيته وفي عمله ولا يعترف لا من قريب او بعيد بالرأي الآخر.. بطبيعة الحال, هذا التناقض من المؤكد انه غير مفهوم بل ومن العسير تفسيره وبخاصة عندما يكون صاحبه من النوع المكابر والجدلي الذي اعتاد على ايجاد تبريرات تقنع الآخرين بوجاهة تصرفه وتدفع عنه تهمة التسلط والعنجهية.. والظاهر والله أعلم, ان أسوأ نموذج اقصائي من الممكن ان تواجهه هو عالي التعليم وصاحب التفكير المنظم الذي لديه أدوات اقناعية ومنطقية توفر أفضل أنواع الحماية لشخصيته في الوسط الاجتماعي.. وخطورة هذا النوع تكمن في مهارتهم في اقناع الطرف الآخر بذرائع انه لم تكن هناك خيارات وانه لم يكن بالامكان أفضل مماكان وان الظرف والحالة اقتضتا تصرفا من ذلك النوع وهلم جرا من قوالب التسويق الكلامي الذي قد يصيبك بالقرف حتى في التفكير في المسألة من أصلها..
وقناعتي ان كل برامج التدريب المكثفة والمخفضة وجل أساليب تطوير المهارات وجرعات الوعي للبني آدم لن تجدي نفعا مع هذه النوعية التي تشكلت من داخلها منذ الصغر.. ومتأكد من كل ما في المفردة من معنى ان أبرع جلسات الكهرباء والعلاج بالأعشاب والزيوت لن تفلح مع بني آدم فشل التعليم والمعرفة في تحويله لمخلوق واع بحقوقه وحقوق الآخرين من حوله.. صدقوني مشكلتنا هي في أساليب تنشئة البني آدم داخل الأسرة وفي وسائل الإعلام وفي النظام التربوي الذي لا يتعامل مع الأشياء بمنطق الحدية والفحولة والأنا التي تعتقد انها تملك كل الحقيقة... الجيل الحالي يبدو اننا سنضيع وقتنا في استصلاحه والأهم ان نعمل من الآن على صناعة مواطنين متصالحين مع أنفسهم ومع واقعهم الحياتي.