مؤكد ان معظمكم اعزائي القراء سبق وان ارتطمت بأذنه مفردة (الخصوصية) هذه سواء في العمل او مع مجموعة اصدقاء او في السوبر ماركت, او حتى محطة الوقود.. لا يهم ما هي او ما أصل وفصل المصطلح هذا ومتى يستعمله البني آدم وهل ينفعه او يضر به, فهذه أمور تافهة ولا أحد يفكر فيها, أهم شيء الاستعمال لمواكبة موضة الكلام من حولك.. والبشرية لدينا جاهزيتها جدا عالية للترديد والتقليد وحتى دون ان يفهم البني آدم ما يردده او يقلد الآخرين فيه.
اليوم فعلا أصبح مصطلح الخصوصية بمثابة المشجب الذي تسقط عليه المؤسسات العامة والخدمية أوضاعها الأدائية المتدهورة للتنصل من مسؤولياتها تجاه الجمهور او امام قيادي الأجهزة أنفسهم.. وبصرف النظر عمن يفهم ومن لا يفهم في هذه المسألة او غيرها, قد يكون منطقيا ومبررا بل ومفهوما أيضا ان توجد فروقات بل واختلافات يتمايز بها الأفراد والجماعات داخل المجتمع الواحد ونفس الشيء بالنسبة للمجتمعات حسب مرجعيتها الثقافية.. مشكلتنا بطبيعة الحال, بصرف النظر عن نوعية ووعي متعاطي هذا المصطلح اننا أصبحنا بوعي او بدون نحضر مسألة الخصوصية هذه في كل شيء.. بل ان بعضنا سواء مسؤولين او إعلاميين او حتى مثقفين نتعامل مع الخصوصية هذه كمشجب نسقط عليه ما يحلو لنا من كسل وعجز وقصور في أدوارنا وانتاجيتنا كأفراد وكمؤسسات.. وصل بنا الحال للأسف لدرجة التحايل حتى على أنفسنا بأن وضعنا المختلف وطبعنا المتفرد لا يسمحان لنا مثلا بدراسة مشكلة اجتماعية كالتفكك الأسري او جنوح الأحداث او تعاطي الطلاب المخدرات.. وان تجاسرنا ودرسنا المشاكل ورصدنا حجمها والخطط العلاجية لها نجد أنفسنا مرة أخرى أمام مشجب الخصوصية هذا الذي اتعبناه قدر ما اراحنا من عناء التطوير وهموم الحركة والانتاج والتغيير.. وعودا على بدء فالخصوصية وان كانت حجر زاوية في واقعنا الاجتماعي فيجب ان تخضع للتفكير والنبش والتحليل لفرز السلبي والأخذ بالإيجابي.. شماعة الخصوصية هذه كالحق الذي يراد به باطل كما نقول سواء تعاطينا معها بفهم او دون ذلك.. حياة اليوم وهموم ومشكلات اليوم تحتاج مواجهة وواقعية أكثر من الاحتماء بسواتر مؤقتة قد تجعل الضريبة مضاعفة مع الوقت.