صفحة الرأي، في أية جريدة، لها، في العرف الصحفي، ما يميزها عن الصفحات الأخرى، ان أهم ما يميزها هو تلك (الحصانة) التي تجعلها في أمن من الحذف او الزيادة في النص الذي يقدمه الكاتب، لانه يمثل رأيه هو، ويكشف وجهة نظره هو، ويتحمل وحده دون سواه مسئولية ما يكتب.. وتدخل اي شخص - حتى المشرف على الصفحة - بالزيادة او النقصان يشكل اعتداء أدبيا وأخلاقيا على الكاتب، وخروجا على الأعراف الصحفية.انا لا أعرف من هو المسئول عن صفحة الرأي في هذه الجريدة، ولكن الاعتداء الذي يشنه علي، بين آونة وأخرى، وعلى غيري - كما أظن - يدفعني الى تكرار الكتابة، وايضاح موقفي ككاتب.
في الاسبوع الماضي، وفي حلقة تحت عنوان (الفقر - 3) حاولت ايضاح فكرة من اعقد ما نواجهه في (فقر المعرفة) وهي ان معرفتنا بماضينا معرفة فقيرة، وعلينا اغناؤها بالمزيد من البحث والدقة ولإيضاح هذه الفكرة أكثر.. حاولت أن اضرب مثلا، وضربت المثل بفرقة (منقرضة) ظهرت في التاريخ العربي الإسلامي وهي فرقة (المعتزلة) قائلا: إن الذين يحترمون فكر المعتزلة، والذين يعتبرونهم أصحاب فكر ضال.. لم يقرؤوا هذا الفكر قراءة علمية وموضوعية جادة، هذا وقد تجنبت ان اضرب المثل بفرقة موجودة الآن حتى لا أثير أحدا او حتى تساؤلا.
فما الذي حدث للزاوية؟
حدث ان المشرف على صفحة الرأي، تقدم إليها بسيف هندي وحز رأسها، أي انه حذف اسم المعتزلة، وبذلك أصبحت الزاوية بلا رأس حتى اني حين قرأتها لم أفهمها.
ان فرقة المعتزلة تركت في التاريخ العربي الإسلامي دويا لم يهدأ حتى الآن: فهناك مئات الكتب الحديثة التي كتبت معهم او ضدهم، ومن اهمها ما كتبه الباحث احمد أمين في كتابه (ضحى الاسلام) وماكتبه الداعية الاسلامية محمد عمارة في كتابه (المعتزلة).
جاء في نهج البلاغة للإمام علي (كرم الله وجهه):( .. يذري الروايات إذراء الريح الهشيم لا ملي - والله - بإصدار ما ورد عليه، ولا هو أهل لما فوض إليه).