عزيزي رئيس التحرير
لا شك في أن الاعتراف بوجود المشكلة يسهم الى حد كبير في حلها ويشكل 50% من نسبة الحل. لان الاعتراف يقودنا الى البحث عن الأسباب والمسببات التي نتجت عنها المشكلة ايا كان نوع تلك المشكلة. والظروف المحيطة بها والمصاحبة لها.والاعتراف بالمشكلة هو شبيه بالاعتراف بالخطأ والذنب. ولهذا ييسر الله تعالى الحل بطرق وأساليب لم تكن تدور بخلد صاحب المشكلة. وبلا شك في ان الحوار عامل ايجابي في حياة الانسان. ومتى ما كان ذاك الحوار مبنيا على أسس وقواعد سليمة وينطلق من وعي وفهم وادراك وفكر متبصر ومقدر للأمور اضافة لكونه حوارا عقلانيا وهادئا ومتزنا فانه يكون عاملا مساعدا في حل المشكلة بل يقضي عليها ويحولها من الجانب السلبي الى الجانب الإيجابي.اما ان كان الحوار المصاحب للمشكلة يفتقد الأهلية والاعتبارات الشرعية ومخلا وخارجا عن الآداب العامة والذوق الرفيع والسليم وفيه صخب وزبد وغوغائية ومصادرة للرأي الآخر. فبلا شك فان مثل هذا الحوار اللا عقلاني واللا متزن من شأنه ان يفاقم المشكلة بل ويحيطها بسياج من مشاكل متعددة تتداخل مع المشكلة الرئيسية فتضيع الرؤية الصحيحة والسليمة لمحاولة حل المشكلة. والتسرع في حل بعض المشكلات هل يقضي عليها؟ بطبيعة الحال التسرع في الأمور عادة لا يأتي بخير. وقد تكون هناك مشاكل تحتاج سرعة في اتخاذ القرار والحل تجاهها. ولهذا ما يتم اتخاذه في تلك اللحظة ما هو إلا عامل مؤقت للحل والتصرف. شبيه بالمخدر في حالة المريض الذي يحتاج الى تخدير موضعي او كامل لابعاد الشعور والاحساس بالألم مؤقتا. ونحن مأمورون شرعا وعقلا ومنطقا بالتأني والتبصر والتفكر والتدبر في كل أمورنا ومشاكلنا. كي نعمل على حلها ونستفيد من التجارب لتعزيز الايحابيات وتلافي السلبيات في القادم من حياتنا. ان التنازل عن بعض الحقوق مع وجود القدرة هو من كمال الإيمان والخلق والإيثار وهو من باب العفو عند المقدرة. والشخص الذي يتنازل عن حق مكفول له شرعا وعقلا ومنطقا في سبيل انهاء مشكلة ما او المساهمة في حلها ابتغاء وجه الله تعالى والفضل. هو من باب الأخلاق الفاضلة والقيم والمثل التي يؤمن بها ذاك الشخص.ولذلك من ينظر لمثل هؤلاء بان لديهم حالة ضعف في مواجهة المشاكل بالتأكيد هم مخطئون في النظر والحكم. فكلما زاد الوعي والفكر والادراك لدى الإنسان استطاع ان يميز الأمور وينظر لها بمنظار متزن وصادق. وكلما قل الوعي والفكر والادراك تخبط الإنسان في حكمه على الأمور من منظور سلبي.
ان الحقيقة التي يجب ان يعلمها الجميع ان وسائل الإعلام المختلفة باتت تشكل ما يزيد على 60% من نسبة التأثير على حياة الناس. ولهذا أصبح الهاجس والبعد الإعلامي في مسؤولية تكوين الوعي وسبر المعرفة والارتقاء بحياة الناس الى الأفضل.
من أولويات البرامج والضرورات لدى الحكومات والمجتمعات الإنسانية. وبالتالي ما يطرح من مشكلات اجتماعية وغيرها عبر وسائل الإعلام ما هي إلا لمخاطبة العقول والأسر ونشر تلك المشكلات بغية التوصل لحلول لها, ومشاركة وجدانية وعقلانية مع المجتمع بكافة شرائحه المختلفة ومؤسساته. وفيها من العبرة والاتعاظ ما يغني الإنسان عن الوقوع في نفس المشكلة والمشاكل المشابهة لها عبر ما يعرض في وسائل الإعلام المختلفة.وهل سعينا الى ايجاد جيل قادر على مواجهة مشكلاته؟ بالتأكيد لدينا قصور في هذا الجانب وهو قصور كبير. لاننا بحاجة الى وجود القدوة الصالحة اولا. وللأسف وسائل الإعلام بكافة أنواعها لم تبرز القدوة الصالحة الحقيقية بعد. وتسمى الأسماء بغير اسمائها وألقابها الحقيقية. وبالتالي فقدان الهوية والمرجعية والقدوة يؤثر سلبا على الجيل. ولهذا نحن بحاجة ماسة الى الارتقاء بالوعي ورفع الوازع الديني وايجاد القدوة الصالحة وابرازها والمؤسسات الاستشارية والاجتماعية التي تعين الجيل على حل مشاكله. ونحن بحاجة من مؤسساتنا التربوية والتعليمية والدينية الى تكثيف التوعية والتنوير للجيل وايجاد البرامج والأفكار البناءة لمساعدة الجيل لتخطي مشاكله.كما نحن بحاجة الى تفهم الوالدين والأسر والمجتمع والأفراد مشاكله بعقلانية وهدوء وممارسة الحوار البناء والهادف وتقبل الآراء وتمحيصها وتغليب السديد منها لتجاوز العثرات والمشاكل. كما اننا بحاجة الى اختيار الوقت والزمان والمكان المناسب للتحدث في مشاكلنا وبحاجة الى الصديق الصادق النصوح للتشاور معه والاستفادة من الشورى.
ناصر بن عبدالله آل فرحان
الرياض