مشروع استزراع الروبيان هذا فيه العديد من الجوانب التي يجب علينا أن نتأملها جيدا. أولها: أنه سيوفر جانبا مهمـا من الأمن الغذائي للشعب السعودي. ثانيها: سيوفر مصدرا جديدا للدخل الوطني للمملكة. ثالثها: سيضع المملكة في مصاف أكبر عشر دول منتجة للروبيان في العالم.
رابعها: هو استثمار قصير الأجل من حيث تغطية تكاليفه وتحقيق الأرباح ــ إذ لا تتجاوز مدة تغطية التكاليف سبع سنين فقط ــ بينما هو استثمار طويل الأجل جدا من حيث العمر الافتراضي لمكونات المشروع، وذلك لاعتماده على مياه البحر والقوى العاملة البشرية أكثر من أي شيء آخر. خامسها: سيوفر غذاء خاليا من كل أنواع التلوث لأنه يقام ضمن أحواض مغلقة تمت تصفية وتنقية مياهها والمحافظة على درجة حرارتها وملوحتها، ومهما تلوثت مياه البحر ــ سواء نتيجة الحروب أو غيرها ــ فلا تأثير على مستوى الإنتاج ولا على نوعيته. سادسها: التكلفة المعقولة نسبيا للمشروع بالمقارنة مع فوائده ومردوده، إذ لا تتجاوز مليار ريال سعودي (أي 100 مليون دينار بحريني)، مع الوضع في الاعتبار أن المشروع يقام في منطقة صحراوية ولذلك يشمل مدينة سكنية للموظفين ومدرسة ومستشفى ونوادي ترفيهية ومركزا تجاريا ومحطة كهرباء عملاقة وغيرها من الخدمات التي كان يمكن توفير تكاليف إنشائها لو تم تنفيذ المشروع بالقرب من إحدى المدن الساحلية.
سابعها: استهلاك السوق السعودية لا يتجاوز 2000 طن سنويا من الروبيان، بينما الطاقة الإنتاجية للمشروع تصل إلى 30 ألف طن، أي أن 28 ألف طن من الإنتاج السنوي سيكون مخصصا للتصدير، وقد تم بالفعل تصدير 2000 طن بصفة مبدئية إلى عدد من دول العالم، وفي مدى قريب جدا سيشمل التصدير دولا أخرى لا شك أن البحرين ستكون في مقدمتها. والآن.. لننظر إلى وضع مصائد الروبيان عندنا في البحرين ــ باعتبارنا أهل البحر ورواد صنعته ــ وما آل إليه وضع الثروة السمكية في بلادنا، ثم لنقارن ذلك بنتائج المشروع السعودي الآنف الذكر. يحز في نفسي جدا أن نكون جزيرة يحيط بها البحر من كل جانب، ثم نضطر إلى منع صيد الروبيان عدة شهور كل عام حرصا على هذه الثروة البحرية من النضوب، فضلا عن الصراعات المتعالية الأصوات بين أهل البحر ورواده تجاه القوانين المنظمة لمهنهم البحرية،
ولو أننا كنا نخطط للمستقبل ولضمان الأمن الغذائي لما توانينا لحظة واحدة في إنشاء شركة للصيد البحري تضم كل صيادي البحرين كمساهمين وعاملين فيها، وتضع الحكومة رأس المال لهذه الشركة كاستثمار طويل الأجل تسترده مع أرباحه بعد عدد محدود من السنوات، بحيث تنشئ هذه الشركة مصائد ومزارع الأسماك على إحدى الجزر المتناثرة في مياهنا الإقليمية (وذلك لأنه لم تعد عندنا شواطئ على الجزيرة الأم، والفضل لسوء التخطيط وخراب الذمم) فنوفر مصدرا جديدا للدخل الوطني، وفرص عمل إضافية للمواطنين، ونأمن شرور تلوث الأسماك والروبيان في مياه الخليج التي لم نعد نجني منها سوى سموم حاملات الطائرات ومخلفاتها، فضلا عما ستخلفه الحرب الوشيكة على العراق من تلوث سيستمر عشرات السنين. لكن.. ما أظن إلا أنني أؤذن في مالطة، فهذا هو عهدنا دائما ــ نحن أهل الصحافة ــ بما نطرحه من أفكار في هذا المضمار، لأننا شعب (ما يفكر إلا تالي)، ولا نخطط لا للحاضر ولا للمستقبل.
اخبار الخليج البحرينية