تظل البعض اليسير من برامج الأطفال والعاب السيجا ذات الصبغة الأجنبية الخالصة التي تملأ أرفف المكتبات الخاصة والقنوات الفضائية وشبكات الإنترنت وصالات الألعاب و (الكشكات) المتناثرة في كل مكان في الشارع والمجمعات التجارية تظل في الغالب النوافذ الشاذة التي يأتي منها الريح والتي تروج أفكارا مشبوهة تستهدف بصورة غير مباشرة أو مباشرة أحيانا أبناءنا ( أمل الغد ) بما تحمله من ثقافات أجنبية ملوثة ومنحرفة غالبا والتي تحاكي اللامنطق واللامعقول وجانبا من الخيالات الواهمة وتدعو إلى العنف وكل شيء ينافي المعتقدات المعتدلة والتي يقبل عليها أطفالنا دون إدراك أو وعي منهم للأبعاد التربوية السالبة التي تتركها هذه المسليات في نفوسهم أو وتعكسها على تصرفاتهم وتعاملاتهم مع أفراد المجتمع ومع الآخرين أيضا.
حيث يلاحظ أن معظم ما يقدم على شاشات القنوات الفضائية من برامج خاصة بالطفل من الصناعة الأجنبية وهو مايعني إغراق أطفالنا بعادات وتقاليد تختلف عنا ثقافة وفكرا .. كما أن أصحاب هذه البيئات لهم أهداف غير أهدافنا وهم يمتلكون التقنية والوسيلة والخطاب في حين أننا برغم ما نمتلكه من قنوات فضائية رائدة إلا أننا فقط نمتلك الوسيلة دون التقنية أو الخطاب بحيث بات المالك الحقيقي للنظرية والتطبيق هو الموجه الفاعل لما تقدمه هذه الفضائيات لأطفالنا من برامج ترفيهية وغيرها من البرامج التلفزيونية والألعاب.
والمحزن في الأمر كله أن البعض من الآباء و المسئولين والمستثمرين في كافة المجالات ذات العلاقة بالمنتجات الترفيهية لا يعيرون أي اهتمام للكثير من السقطات واللقطات المنحرفة التي تأتي بها هذه البرامج والألعاب في حين أنها رسالة واضحة تهدف إلى تمييع أطفالنا والانحراف بهم إلى تربية خاصة وتطبيعهم على عادات وتقاليد دخيلة تتعارض ومعتقداتنا الراسخة التي تستمد جذورها من القرآن والسنة.
ولاشك أن الحديث عن برامج الأطفال وألعابهم وما تتركه من ترسبات مغلوطة في نفوسهم ولاسيما الأطفال في سن السابعة إلى العاشرة والذين ينضجون ويكبرون تحت تأثير ثقافتها المهزوزة وان كان هذا النضج يختلف من طفل إلى آخر في التفريق بين الحقيقة والخيال وبين الجيد والغث إلا أن الغالب منهم في هذه السن تحديدا ينساقون خلف ما تقدمه لهم هذه الفضائيات وأماكن الترفيه من مشاهد ماجنة يكون لها دور فاعل في ارتكاب المحظور .. كما أن الأطفال في هذه السن يتأثرون تأثرا كبيرا بالصورة البصرية كـ (البرامج التلفزيونية والمجلات وغيرها ) أكثر من تأثرهم بالكتب والقصص المكتوبة وهم ايضا أكثر تأثرا بالقصص ذات الحبكة الدرامية المتضمنة مشاهد عنف على اختلاف أنواعها.
وعلى الرغم من كون الأطفال في هذه المرحلة العمرية يفضلون البرامج والمشاهدات الغريبة التي تعتمد على المرح والتسلية كالقصص المخيفة أو المثيرة أو الخيالية أو المغامرات التي تغرقهم في بحر من الترقب والفزع وهو ما يعتبره علماء النفس طبيعيا كمرحله من مراحل التطور والنمو وبلوغ الرشد الناتج عن الرغبة في الشعور بالخوف من المجهول إلا أن الأمر لا يتوقف عند فكرة تنوع المشاهدات وتعددها بل عند خلوها من العيوب والتشوهات الأخلاقية التي تنافي كل الأعراف والتقاليد.
وحينما نتحدث عن نوعية البرامج والألعاب المتاحة التي تمتلك شهرة واسعة بين ظهراني أطفالنا والتي تعني أقصى متعتهم وغاية مطلبهم والمعلبة داخل أشرطة الفيديو التقليدية أو الأقراص الليزرية أو الممررة أمامهم عبر القنوات الفضائية ذات الدبلجة المعربة أو الأجنبية والتي لا تخلو مطلقا من اللقطات والسقطات المخلة والتي تتعارض وتعاليم ديننا الحنيف فأن القدر الفائض الذي تخرج به هذه النوعية من المسليات في ثوبها الغربي أمام أطفالنا في كل حين ودون ضوابط تربوية يتطلب وجود مؤسسات موضوعية تقوم على دراسة هذه المسليات وتوضيح أهدافها وغربلتها بما يتناسب وتعاليمنا الإسلامية وكذلك العمل على إنتاج أعمال عربية وإسلامية تصور البطولات التاريخية والإسلامية تخص الطفل كبرنامج "أفتح يا سمسم" أو غيره من البرامج العربية الناجحة التي تحمل الصبغه العربية والإسلامية وتؤكد هوية الطفل المسلم والحد من انتشار البرامج الدخيلة التي يتم استيرادها بكل ما تحمله من أمراض ووباء أخلاقي يهدد القيم والأخلاق.
ويجدر بنا القول ان حماية أطفالنا وتعقيمهم من المشاهدات الغريبة والمشوهة التي تمرر أمامهم والتي يتعاطونها في الكثير من المواقع من الأمور الهامة التي تحتم على المسئولين وأصحاب القرار والمؤسسات التنبه لها وعدم السماح بتسريبها أو تجاهلها لضمان سلامة العقيدة .. كما يجب على الآباء أيضا مراجعة بعض المشاهدات والبرامج والألعاب ومشاهدتها قبل أبنائهم لها.
مسليات الطفل العربي بحاجة إلى إعادة نظر
ويقول السيد حمد ربيعان السليمان (متخصص في أدب الطفل): أن حال الطفل العربي يتطلب إعادة النظر والبحث والتفكير لتهيئة هذا الطفل بفكره وأدبه وثقافته ليعيش عالم اليوم بآماده الفسيحة ومعرفته الزاخرة دون أن يبتعد عن أخلاقه الإسلامية وأعراقه العربية وطوابعه الإنسانية مثبتا ذاته فاعلا في يومه وغده محققا قوله تعالى "كنتم خير أمة أخرجت للناس ... تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله" الآية.
واضاف: أنه يجب أن يكون هناك مايمكن اعتبارها مؤسسات قومية تعمل على صناعة بعض البرامج ذات الصلة بالطفل وكذلك تنظيم وتعويد الأطفال على العلم والمعرفة وتنمية ذلك فيهم وغرس الحرص على الواجب والمسؤولية والتعاون والبناء وكل ما يعينهم على إثبات أصالتهم وفاعليتهم في الحياة وتنمية دورهم الحضاري مشيرا إلى أنه لن يتم ذلك إلا إذا أعطي الطفل حقه فكريا وفنيا وتربويا وثقافيا وتعليميا وفق شروطهم وبإمكاناتهم وخصائص مراحله السنية.
وأكد : أنه لن يتم ذلك إلا إذا اصبح التناغم الإنساني المعرفي بين ما يقدم أمامه من برامج جيده والتقدم التكنولوجي حقيقة ماثلة أمامنا وهو مايمكن أن يتضح خلال معالجات فنية لعدة أعمال فنية تمثل نماذج حديثة في مجال برامج ومسرحيات الطفل وتتضمن القيمة الأخلاقية والمعرفة العلمية وتحاول إقناع الطفل بها والتأثير فيه بغية تحقيق حسن الاستيعاب والتلاؤم السوي عل قدر ما أتيح لها من وسائل تعبيرية تنتمي إلى أدب الطفل وذلك بعد تحديد المرحلة السنية التي يمكن أن تلائمها هذه البرامج لأن تحديد هذه المرحلة السنية واجب أخلاقي تربوي نفسي مهم جدا لتحقيق التواصل المرجو بين الطفل وما يقدم له من نصوص مسرحية وبرامج برغم أن هناك من المعنيين بأدب الطفل من يهمل ذلك وهو أمر يجب أن ينادي عليه كل مخلص لأطفالنا لان تحديد المرحلة السنية لأي عمل أدبي أو ترفيهي للطفل ييسر مهمة بنائه على أسس وشروط يوضحها علم نفس الطفل.
وقال: ان الكثير من برامج الأطفال التي تعتمد على الخيال واللامعقول برغم ما تذهب إليه من مفارقات تبتعد عن الواقع غالبا فإنه في كل الأحوال لايجب ان يتجاوز هذا الخيال الحقيقة إلى الكذب بل يجب أن يسهم في الكشف عنها ويعمل على إيجاد أرضية تساعد الطفل المتلقي على التفاعل معها وتحقق لديه الثراء الفكري والمتعة والوجدان بالصورة الجميلة والكلمة المعبرة وارتياد المجهول خاصة إذا تهيا لهذه البرامج المعد والمخرج المثقف دينيا وعلميا وتوفرت وسائل التقنية المعينة على تقبل العمل الفني بكافة صوره.
واضاف: أنه إذا ما أردنا للطفل ان يواكب هذه المتغيرات ليعيش عصره ويتصل بمنجزاته التكنولوجية فإن قصص الخيال العلمي وبعض البرامج العربية والإسلامية المفيدة من أهم ما يجب أن نقدمه له كمصدر ثري لكثير من الأفكار والنظريات العلمية البسيطة برغم عصريتها حتى يتفاعل معها ويعيها وتتسلل إلى فكره ووجدانه بصياغتها الأدبية المناسبة وتشويقها الممتع المستحب لتطلعاته المشبع لاهتماماته في هذه المجالات.
واوضح : أنه يجب ان تكون هناك لجان فاعلة بصفة رسمية تقوم على تنقية ومراقبة الكثير من البرامج الغثة التي تملأ الأسواق وتحد من انتشارها ولاسيما تلك البرامج والألعاب ذات الهوية الأجنبية المليء بمشاهدات العنف وغيرها من المشاهدات التي لا تتناسب وعاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية.